IMLebanon

انقسام الموارنة أفقدهم الصلاحيّات في الطائف وقد يُفقدهم الرئاسة إذا اعتُمدت المداورة

بعدما حصل الشغور الرئاسي، راح كل طرف يتهم الطرف الآخر بأنه هو السبب، في حين أن الحقيقة باتت معروفة عند الناس وهي أن نواب قوى 8 آذار، في ما عدا نواب كتلة الرئيس نبيه بري، قرروا مقاطعة جلسات انتخاب رئيس للجمهورية للحؤول دون انتخاب أي مرشح ينتمي إلى قوى 14 آذار. وعندما استمر هذا الشغور مع استمرار المقاطعة، دعت قوى 14 آذار قوى 8 آذار الى البحث عن مرشح توافقي يستطيع أن يحظى بتأييد الأكثرية النيابية المطلوبة، فرد “حزب الله” على ذلك بالقول للعماد ميشال عون. بحسب مصدر في “التيار الوطني الحر”: “جنرال خود وقتك، ما في شي مستعجل وموقفنا لم يتغير، ولما بتشوف ضرورة منرجع نحكي بالملف الرئاسي”… هذا يعني أن لا بحث في الوقت الحاضر في المرشح الثالث، وقد يكون البحث فيه عندما تعطي إيران إشارة بذلك، فهل يفي الرئيس الايراني حسن روحاني بوعده للرئيس تمام سلام عندما التقيا في نيويورك بالعمل على تسهيل انتخاب رئيس للبنان، أم أن الكلمة في هذا الموضوع ليست للرئيس الايراني وحده إنما لسواه أيضاً وخصوصاً لقائد الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني الذي يذكّر نفوذه في ايران بنفوذ ما كان يسمى “المكتب الثاني” في لبنان؟

لذلك فإن المسؤول عن الشغور الرئاسي واستمراره إلى أجل غير معروف، والمسؤول أيضاً عن جعل رئيس الجمهورية يصنع في الخارج وليس في لبنان هو “حزب الله” بإصراره على أن يستمر العماد عون مرشحاً لا ليفوز بالرئاسة إنما للاستمرار في تعطيل نصاب جلسات الانتخاب. لذا لا يجوز القول إن مسيحيي ومسلمي 14 آذار هم المسؤولون وقد تركوا في بادئ الأمر لأقطاب الموارنة الأربعة الاتفاق على مرشح واحد منهم، أو أن يتركوا للأكثرية النيابية انتخاب واحد منهم، أو أن يتفقوا على مرشح من خارج 8 و14 آذار. وعندما لم يتفق الاقطاب الموارنة الاربعة على أي من هذه الحلول بادرت قوى 14 آذار بمسيحييها ومسلميها إلى اقتراح البحث عن مرشح توافقي ينهي بانتخابه الشغور الرئاسي، فلم يستجب عون ونصرالله واستمرا في موقفهما بحيث لم يعد في الامكان الخروج منه إلا بالاستعانة بخارج، والخارج المؤثر هو ايران كما كانت سوريا من قبل، ولا نعيب على أنفسنا اللجوء كل مرّة إلى خارج ليصنع رئيساً للبنان عوض أن يصنعه الزعماء اللبنانيون ويكون هو الأصلح والأفضل.

يقول مسؤول كنسي إن المسيحيين عموماً والموارنة خصوصاً هم المسؤولون عما أصاب ويصيب الرئاسة الأولى وليس المسلمون. فعندما كان رؤساء الجمهورية يتمتعون بصلاحيات واسعة لم يراعِ بعضهم مشاعر الشريك المسلم لا في تسمية رئيس الحكومة ولا في تشكيل الحكومة ولا في طريقة التعاطي بين السلطة الاولى والسلطة الثالثة، ما ولّد لدى هذا الشريك شعوراً بالغبن والاجحاف. وعندما انعقد مؤتمر الطائف أعاد النظر في الدستور وجعل توزيع الصلاحيات بين السلطات الثلاث أكثر عدالة وإنصافاً، وقد حضره القادة المسيحيون والموارنة خصوصاً وهم في ضعف وتشرذم بفعل ما سمّي “حرب الإلغاء”، فكان لا بد وهم في هذه الحال من أن يختاروا بين القبول بدستور جديد يقلص صلاحيات رئيس الجمهورية إلى حد جعله لا يكون حاكماً ولا حتى حكماً… أو عودة الحرب إلى لبنان. وها هم يبكون اليوم على صلاحيات كانوا هم سبب خسارتها، ويبكون أيضاً على احتمال وصول رئيس للجمهورية يصفونه بالضعيف، ويفضلون استمرار الشغور الرئاسي على وصول مثل هذا الرئيس، وهم المسؤولون عن ذلك، لأنهم لم يتفقوا كما في الأمس عندما كان الترشح للرئاسة الأولى ينحصر بزعيمين ما رونيين قويين يختار الشريك المسلم واحداً منهما بالاقتراع السري أو بالاتفاق الضمني. ولم يكن في استطاعة الخارج إلا أن يؤيد أحدهما.

لذلك يمكن القول إن انقسام الموارنة جعلهم يخسرون جزءاً من صلاحيات رئيس الجمهورية في مؤتمر الطائف وها هم يبكون الآن عليها ولا يعرفون كيف يستعيدونها أو يستعيدون جزءاً منها، وان انقسامهم اليوم حول رئاسة الجمهورية وعدم اتفاقهم لا على مرشح قوي ولا على مرشح يصبح قوياً باتفاقهم عليه، يجعل الرئاسة الاولى لزوم ما لا يلزم مع استمرار عمل مجلس النواب من دون هذه الرئاسة، وكذلك عمل الحكومة التي تتولى هذه الرئاسة بالوكالة وإلى أجل غير معروف. فكما خسر الموارنة بتشرذمهم وانقسامهم جزءاً من صلاحيات رئاسة الجمهورية، فقد يخسرون الرئاسة نفسها إذا ما اعتمدت المداورة… وهذا ما جعل رئيس “حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع يقول “إن حزب الله والعماد عون يتحملان مباشرة مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع في البلاد بتعطيلهما انتخابات رئاسة الجمهورية، وان الحل هو في النزول إلى مجلس النواب وانتخاب رئيس يكون قوياً إذا اتفقت عليه القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ و”الاحزاب المسيحية والقوى الوطنية كافة”.