IMLebanon

الأطعمة الفاسدة

عندما يصبح من المفارقات المؤسفة – بل الخطرة – أن تتحول مواقع التواصل الاجتماعي عن هدفها الاساسي في التفاعل والاشراك في المعلومات ودفع الثورات الاصلاحية، الى وسيلة فاعلة لتواصل التنظيمات الارهابية وأداة لتوسيع آفاق الارهاب، ووسيلة واسعة لنشر الجرائم والتهديدات ضد الانسانية.

عندما يصبح مصدر الفخر الوحيد للبنانيين زواج اللبنانية الأصل أمل علم الدين بالممثل العالمي جورج كلوني والتباهي بهذا الزواج كأنه انجاز وطني لبناني عظيم يستأهل الاحتفال.

والغريب أيضاً، عندما تصبح استضافة سوري في أحد البرامج ينتحل صفة طبيب اسنان، لمناقشته في الامر، كأن هذا الموضوع موضوع نقاش، ربما. والأشد غرابة واستغراباً، ان لا تتحرك نقابة أطباء لبنان ووزارة الصحة والقضاء اللبناني المعنيّ، لتوقيف منتحل الصفة هذا، المتجول بحرية تامة عبر وسائل الاعلام. والمضحك ان يصل اليهم بعد الصحافيين لاستضافتهم لجذب المشاهد ولا يمكن الجهات المختصة الوصول اليهم لثنيهم عن قتل الناس.

وغريب أيضاً وأيضاً أن يصبح الرأي العام اللبناني، رأياَ عاماً  لا يتحرك إلا من أجل حملة “أيس بوكيت”، لكنه لا يحرك ساكناً من أجل انتخاب رئيس للبلاد.

وكذلك، غريب ألا تجرى الانتخابات في مواعيدها الدستورية، ويفرض علينا التمديد لمجلس النواب للمرة الثانية… ولا حراك ولا من يتحركون!

الوضع الأمني يتدهور والحال الاقتصادية على حافة الهاوية، وكأن لا حكومة عندنا لتطمين من بقي من لبنانيين في لبنان يستميتون لتأمين لقمة العيش.

قد تكون كل هذه الأمور صغيرة ومستصغرة في دولة لا تجرؤ على الحسم في عرسال، ولا تطلق مخطوفيها العسكريين، وكأن لا علاقة للمسألة بالكرامة الوطنية وصورة الدولة السيدة، التي لا تمتلك خطة واضحة لضبط حدود الوطن.

وعلى رغم كل ذلك لا شعب يتحرك، بل يقتات أكثر المنتجات رداءةً والتي يقدمها له بعض وسائل الاعلام، فيتهافت عليها وكأننا بتنا شعباً لا يستسيغ إلا الرداءة والضحالة والإسفاف. فهل بات الإعلان النظيف الذي يحترم المشاهد غير مجدٍ لشركات الاعلانات، اذ يتراجع لحساب الاعلان السخيف الذي نشاهده يومياً؟ وهل سقط زمن الإعلام الرسالة والقضية ولم يعد له سوق ولا مشاهدون؟

أم لم يعد للإعلام من مهمة  سوى اجتذاب المشاهد حتى بأرخص الوسائل وأكثرها تفاهة؟!.

وهل هذا حقاً ما يطلبه المستمع والمشاهد والقارئ؟

أطعمة فاسدة ؟؟

وهل كل هذه المظاهر الخطرة في مجتمعنا هي مسؤولية المستهلك، أم مسؤولية من يقدم له هذه الخيارات الملزمة، وهذا الطعام الفاسد الذي نخشى ان نعتاده ونصبح كالطيور الهوام التي تسعى وراء الجيف ومخلّفات الأقوياء؟