IMLebanon

الراعي: لا للقاءات الفاشلة بعد اليوم

بطريرك الموارنة «لا يفقد الأمل»

الراعي: لا للقاءات الفاشلة بعد اليوم

أطفأ «عمو كميل» الضوء في مكتبه عند مدخل بكركي. مؤشر الى ان البطريرك بشارة الراعي خلد الى السلام. لا ينطفئ الضوء في غرفة «عمو كميل» قبل ان تنام بكركي. أمس، وكذلك اليوم وغدا، تمشي ساعة ساكني القصر على ضوء الرجل السبعيني الذي يخدم الكنيسة في بكركي منذ عام 1982. «عمو كميل» كان وحيدا حينها. مرت السنوات وتفرعت الغصون وأصبحت الشجرة بكاملها تخدم الكنيسة. الاب والام والاولاد والاحفاد. قبل النوم يحضر الصخب.

في زياراته الى الخارج يشعر البطريرك وكأنه يتحول نقطه ماء ترمى في صحراء. يسافر ويعود والسهام تلاحقه. لا تصيبه، ولكنها تتمكن احيانا من الوصول الى محيطه، لكن المقصود في النهاية هو بشارة الراعي. يرد السهام بمعرفته انه «لم يخطئ لا في السياسة ولا في النهج الذي يتبعه، ولا في المواقف التي يسير بها». لم يخطئ في تفقد اناس ومناطق لم تطأها أقدام رئيس روحي من قبل.

يطلق أقسى المواقف بحق أبنائه «نواب العار»، لكنه يعود لكي يدعوهم الى الحوار تحت جناحه. منذ البداية، كان البطريرك الراعي يؤمن انه لو سلكت الالية الانتخابية الدرب الطبيعية لكان انتخب رئيس الجمهورية الاقوى منذ الجلسة الاولى، وان كان على حساب جولات اقتراع عدة والتشاور للتوصل في النهاية الى اختيار الافضل.

يثق البطريرك انه لم يخطئ في السياسة. كل الحملة التي قامت ضده في الزيارة الاولى لفرنسا تبددت في الثانية. أرسى النهج المؤسساتي والديمقراطي في مجلس المطارنة، وبشكل خاص الشفافية. أرسى الدقة في الادارة، واستحدث مكاتب البطريركية عن العائلة والمرأة فضلا عن الاليات الجديدة التي أضافها على اللجان كمجلس الشؤون الاقتصادية. واما جولاته في الخارج انما تنطلق من حرصه على تطبيق القانون الكنسي. «فإذا كان السلف لا يطبق القانون فهذا لا ينفي انه على رأس الكنيسة ان يزور رعاياه كل 5 سنوات. وفي كل تلك الرحلات كان ينشئ الابرشيات الجديدة والمزيد من الرعايا». ومن «الفوارق» مع أسلافه كذلك تعزيزه لدور العلمانيين داخل الكنيسة، وهذا يتبدى خصوصا في الدور الذي يلعبه وليد غياض ابن «عمو كميل». دور العلمانيين هذا تتوق كنائس اخرى الى عيشه بشكل منسجم، كما هي حال طائفة الروم الاورثوذكس التي لا دور يذكر فيها لمن يسميهم المطران جورج خضر «العوام».

المشهد العام في البلاد اليوم يبدو من بكركي كانها العودة الى الصفر. عود على بدء. المرارة الاكبر شعر بها بمرور ذكرى عيد الاستقلال بغياب الرئيس. ثمّن عاليا موقف تمام سلام. شارك بعد تردد باحتفال الاستقلال في روما «لأننا لن نفقد الامل في لبنان». تزداد القناعة لديه بأن المعضلة الرئاسية «حلها خارج لبنان». وهو يواصل اتصالاته مع السفراء من اجل حث الاطراف الحليفة لهم في الداخل على تسهيل مهمة الانتخاب، لكنه لا يتأخر في التوضيح: «نرفض بتاتا ان يسمي الخارج اسم الرئيس». في الوقت الراهن ولحين ملء الفراغ الرئاسي، يرفض البطريرك الحديث في اي امر آخر. والدليل ما قاله حرفيا لسعد الحريري في روما. طلب الاخير بركته في حصول التمديد والانتخاب مباشرة من بعده. فكان جواب البطريرك: «ما دمتم قادرين على الانتخاب فلماذا تريدون التمديد قبله؟».

تشرح اوساط البطريرك الراعي قراءته للوضع الراهن انطلاقا من دعوته الى «الكف عن انتهاك الدستور لاننا وصلنا الى وضع باطل مبني على باطل». وتخلص الى القول: «البطريرك ثابت في مواقفه في وقت تبقى السياسة حوله في رمال متحركة». وبماذا تنفع اذاً دعوته الى الحوار؟ تجيب الأوساط: «لا يريد البطريرك لقاءات فاشلة وغير مجدية بعد اليوم. وربما يجب على الاقطاب الموارنة ألا ينتظروا دعوته من الاساس وانما يتنادوا للمجيء اليه والبحث في الحل».