Site icon IMLebanon

الراعي مُستاء للغاية من خطف الإرادة المحليّة

ليس الزمن قريباً بالنسبة للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي ان يدعو الاقطاب الاربعة المسيحيين مجدداً الى الاجتماع في بكركي لبحث مسألة رئاسة الجمهورية ذلك ان المسافة في آخر لقاء في الصرح البطريركي بين الرئيس امين الجميل والدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية بحضور الراعي قد تغيرت منطلقاته، وتبدلت على حد قول مصادر مسيحية، ان بفعل عدم احترام السياسيين لتعهداتهم او تفسيراتهم لما كان قد اتفق عليه او لناحية تبدل المناخ العام الداخلي والاقليمي على وجه الخصوص وبالتالي التعويل على الاتفاق الاميركي – الايراني بشأن المسألة النووية وهذه الاخيرة باتت شاهد عيان يتحاور به السياسيين بشكل علني على فرضية ان نجاح هذا الاتفاق او فشله يمكن الوصول الى انتخاب رئيس جديد للبلاد، وبالرغم من تأكيد البطريرك الماروني على ضرورة حضور النواب للمجلس النيابي للقيام بواجباتهم امام الناس والوطن الا ان هذا الامر قد تخطاه الزمن ايضا بفعل التطورات المتسارعة في المنطقة وتحول السياسة الاميركية نحو الليونة مع الملفين السوري والايراني وهما عاملان مؤثران في مسار العملية الرئاسية في لبنان، على الاقل كما تقول المصادر وضع اللبنانيون جميعا مكانا لحل مشاكلهم في الخارج وباتوا متفرجين وبالتالي ما كان صالحا في السابق بات مستبعدا في الحاضر.

والبطريرك يعي جيدا قبل جمع الاقطاب الاربعة في بكركي هذا الخوف من تحول الارادة المحلية اللبنانية الى آلة تمسكها أياد خارجية بحسب المصادر، وهذا ما لم يتفاجأ به سيد بكركي، ولكنه بالرغم من ذلك يحاول يومياً استدراك ما بقي من مساحات لبنانية محلية للحؤول دون بقاء الفراغ الرئاسي، وتقول هذه المصادر ان هناك خوفا حقيقيا لدى الراعي من استمرار الفراغ الذي اذا ما طالت مدته بموازاة الصراع الدولي تصبح امكانية التفكير الجدي باطاحة الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق حقيقة دون ان ترف جفن المجتمع الغربي او العربي ذلك ان مشاكل الدول هذه اكبر من طاقاتها وهي منشغلة بها خوفا من ان يطالها الشرق الاوسط الجديد. وهذا ما يضع البطريرك في موقع السائل لهؤلاء القادة: كيف بالامكان بعد سلسلة التطورات الكبيرة حفظ الرئاسة الاولى للمسيحيين؟ ومن منكم لديه الضمانات الاكيدة بعدم حدوث فراغ دائم وصولا الى عقد سياسي جديد في البلد يأخذ في الحسبان قوة المسيحيين وعددهم وتأثيرهم على الحياة السياسية في لبنان؟ ومن هو المسؤول عن تدهور اوضاع المسيحيين الى هذا الدرك في ادارات الدولة؟ ومن باستطاعته تعويض هذه الخسائر الكيانية التي يبدو صعبا اعادتها في ظل الظروف المحيطة بالمسيحيين في لبنان والشرق؟ ألم يرحل مسيحيو العراق وسوريا؟ وهل وجدتم لهم نصيراً سوى الدعوات الى الترحيل نحو اوروبا للعمل في حدائق الفرنسيين!

تجاه هذا الواقع المأساوي لا تبدو بكركي مستعدة لاطلاق اية محاولات جديدة من نوع جمع القادة الاربعة او غيره، تقول المصادر، والذي بات ينطبق على الدعوة اليه ذلك المثل القائل: من جرب المجرب كان عقله مخرب، وبالتالي فإن عمل البطريرك اليومي الذي بذله طوال المدة المنصرمة لم يهز رمش احد من هؤلاء الذين اما ان يكونوا يعرفون اكثر من البطريرك نفسه او غافلين بالفعل عما يجري حولهم وفي الحالتين هناك مصيبة تقع على رؤوس المسيحيين جميعا ولا يريد احد ان يتحرك من اجل طمأنة النفوس، وتسأل هذه المصادر نقلا عن اوساط كنسية السؤال التالي: هل اذا بقي الفراغ الرئاسي في بعبدا سوف يستمر تعلق المسيحيين بأرضهم؟ وهل اذا «طارت» الرئاسة من ايدي المسيحيين سوف يبقى المسيحيون في لبنان؟ ولكن في مطلق الاحوال فإن الهجرة موجودة في دم المسيحي منذ ان وجد في الشرق على حد قول الاوساط ولكن مسألة ترك البلد نهائيا مصيبة تاريخية سوف يتذكرها الآشوريون والكلدانيون والسريان والارمن كجزء من مأساتهم التاريخية، ولكن يبدو ان الاتعاظ بمشاهد الغير غير مجدية لمسيحيي لبنان وكأنهم وجدوا في لبنان كملك لهم ومن الصعب مجرد التفكير بخسارته فيما واقع الحال يخبر ان لا احد سوف يهتم بمصيرهم لا الغرب ولا الشرق اذ انهم منسيون تماما من الوجدان الغربي، وبات عليهم التفكير وفق هذه القاعدة حتى ان الكرسي الرسولي ممثل السيد المسيح على الارض يبدو عاجزا عن الحلول مكان ما هو مرسوم للمنطقة في لبنان، واذا كان التعديل فقط على الفاتيكان كضمانة للبقاء في الشرق، فإن بشائر الترحيل من مختلف الدول العربية لم تشفع بهم كرسي بطرس مما يعني ان هناك جماعات اعتمدت على نفسها وكانت موحدة كالاكراد مثلاً وخسروا كل شيء سوى الامل ببناء دولة… فيما ماذا بقي لدى المسيحيين؟!