Site icon IMLebanon

الـGYM هروب من ضغوط الحياة اليومية وبزنس رابح

 

نوادٍ تفرّخ كالفطر في الأحياء فمن يضمن سلامة روادها؟

 

 

هل هي الروح الرياضية التي تمرس بها اللبنانيون عبر الزمن ما يدفعهم إلى التهافت على النوادي الرياضية أم أنه هوس لبناني مستجدّ يحاكي الهوس العالمي ويتخذ في لبنان نكهة مميزة؟ النوادي الرياضية تنمو كالفطر في الأحياء، وبين النادي والآخر تجد نادياً مختبئاً بين الطوابق أو « فالشاً» نفسه على مساحة شاسعة تجعلك تتساءل من أين له هذا؟ وما سر فورة الـGYM في عز الأزمة الاقتصادية: حاجة حياتية أم بزنس رابح؟

نوادٍ للفقراء واخرى لمتوسطي الدخل والأغنياء ولا حجة لأحد بعد اليوم بعدم القدرة على ممارسة الرياضة والالتحاق بنادٍ. نوادٍ متواضعة بعديدها ومعداتها وأخرى رفيعة المستوى متشاوفة بتجهيزاتها وأحدث صرعاتها، تجتذب الزبائن من كل الفئات. من خلف الواجهات الزجاجية العملاقة تلمحهم، أجساد رشيقة وعضلات مفتولة تتمرن على الأجهزة وتتحدى نفسها والماكنات. لا شك أنها ظاهرة إيجابية على عكس ظواهر مقلقة كثيرة في المجتمع اللبناني المتعب لكنها لا تخلو من بعض الخلفيات والنقاط المشكوك بأمرها وليست كلها مؤهلة للاهتمام بصحة المتمرنين ورشاقتهم.

 

أسعار تلحق الكلفة

 

روني خوري صاحب أحد النوادي الرياضية المتخصصة في منطقة الدكوانة أراد التميز واعتماد مفهوم مختلف للرشاقة وسط بحر من النوادي الرياضية في المنطقة. ناديه صغير يقع في الطابق الثاني من مبنى سكني، يعتبره عيادة رياضية لأنه يقدم الرشاقة من خلال تحفيز العضل بواسطة أجهزة خاصة أو ما يعرف باسم EMS. «الناس ليس لديهم الوقت للقيام بالتمارين الرياضية يبحثون عن حلول سريعة، يودون الحصول على جسم نحيف ورشيق من دون تمضية ساعتين أو ثلاث في النادي. ومن خلال الأجهزة والملابس الخاصة التي يرتديها المتمرن، والتمارين التي يقوم بها تحت إشراف المدرب يأخذ في 20 دقيقة النتيجة التي تعطيها في العادة ثلاث ساعات من التمرين».

 

لكن النادي رغم تواضع مساحته يحتاج الى صيانة معداته والى تأمين التيار الكهربائي بشكل دائم وتأمين المياه وهذه كلها تزيد الأعباء المالية عليه وتشكل صعوبة له ولزبائنه. «اضطررنا الى التخفيف من الخدمات الرديفة وأبقينا على الأساسيات فقط، لا نستطيع رفع أسعارنا بشكل كبير رغم ارتفاع كلفة كل الخدمات ونعمل لنبقى مستمرين». لكن الأسعار في النوادي كافة ترتفع بالتدريج وفق ما ترويه لنا كوليت وهي مدمنة نوادٍ.

 

«النوادي الفخمة «قلبها قوي» ترفع أسعارها ولا تهتم لأن زبائنها عادة من الفئة القادرة على الدفع ولا تترك النادي مهما ارتفعت الأسعار. أحدها انتقل من 65 دولاراً شهرياً الى 125 ولم اسمع سوى تذمر محدود. أما النوادي المتوسطة فلا يزال هامش أسعارها بين 40 و 60 دولاراً وهذه الأسعار يتقبلها الزبائن خاصة أن كثيرين منهم يستغلون وجودهم في النادي للحصول على مياه ساخنة للاستحمام او مجرد الحصول على المياه او تمضية وقت في المكيف خلال الصيف. وهناك أندية تعتمد على التدريب الشخصي أي لكل مشترك مدرّبه الخاص الذي يتابعه ويشرف عليه مباشرة. أما نوادي الفقراء التي تؤمن التمرين فقط ولا خدمة سواه فقد لا يتجاوز سعر الاشتراك الشهري فيها 20 دولاراً. رواد النوادي اليوم تأقلموا مع الوضع المالي ولم تعد تخيفهم الأسعار بالدولار كما كان يحدث في السنتين الماضيتين لا بل ازدادت أعدادهم في مختلف النوادي حتى ان بعضها صار مكتظاً ولم يعد يتسع للمتمرنين».

 

رياضيون سابقون عمدوا الى افتتاح نواديهم الخاصة بعد الاعتزال وتعب سنين، بعضهم توفق وحلق ناديه عالياً في فضاء اللياقة البدنية والمردود المالي، وبعضهم تعثر ولم يستطع الانطلاق كما يجب خاصة من «كبّر الحجر» وسعى الى مستوى تقني وبشري يفوق طاقته فكانت التجربة فاشلة وتراكمت عليه الديون. وليد دمياطي لاعب كرة السلة السابق نجح في التحدي وأنشأ عبر مجمع Skills نادياً رياضياً بمواصفات عالية وعن هذه التجربة يقول: «لا شك أنها مكلفة كثيراً وخاصة إذا كانت قدرة النادي الاستيعابية كبيرة والمعدات كما الخدمات التي يقدمها رفيعة المستوى. سابقاً كان يمكن للمردود أن يكون كبيراً ولكن اليوم ومع كلفة التشغيل لم يعد ذلك ممكناً لكن بالمثابرة وبناء الإسم وتوفير الكثير من الخدمات الرياضية يمكن للنادي ان يتطور ويدر الأرباح».

 

ولكن إذا كان افتتاح النوادي الرياضية خياراً طبيعياً للرياضيين السابقين فإنها تثير بعض الشكوك عند الطارئين على المصلحة لا سيما متى كان النادي يتطلب استثماراً مالياً ضخماً.

 

« هو تبييض أموال، يقولها همساً أحدهم، ويكفي أن نعرف أن سعر متر الأرض في منطقة سكنية راقية يقارب 2000 دولار فكيف يستثمرون آلاف الأمتار لإنشاء ناد رياضي أو يتوسعون ليضموا عشرات الفروع في أرقى المناطق؟ هل النادي استثمار مربح الى هذا الحد لتغطية تكاليف أرضه ومعداته الحديثة وفريق عمله؟». السؤال مشروع بلا شك لكن تبييض الأموال بات الحجة الأسهل التي يوردها كل من لا يفهم ما يدور حوله من أعمال تثير حقاً الاستغراب في بلد يشهد أزمة مثل لبنان.

 

ترند عالمي ولبنان السبّاق

 

المدرب شادي الزين الذي يطل عبر إحدى الشاشات التلفزيونية ويعمل في نواد ثلاثة يعزو سبب ازدهار النوادي الرياضية الى «ترند» يجتاح العالم ولا يشذ عنه لبنان لا بل ان لبنان يتلقف قبل سواه أحدث الاتجاهات في عالم الرشاقة واللياقة البدنية وهو أمر يدعو الى الاعتزار إذ أنه يسبق معظم البلدان العربية ويعتبر الأهم بينها على هذا الصعيد. «تتنوع النوادي في لبنان بين كبيرة ومتوسطة وصغيرة وأحدثها Training Studio وهو ناد صغير يتسع لشخصين أو ثلاثة مع مدرب شخصي ولا يتطلب استثماراً كبيراً ولا كلفة عالية. والإقبال على الرياضة زاد من عدد المدربين او الكوتش وبات هذا الاختصاص مطلوباً في الجامعات والمعاهد التي تخرج سنوياً عشرات او مئات المدربين».

 

لكن ليس كل من أدعى أنه مدرب رياضي قادراً على القيام بهذا الدور وفق ما يؤكد شادي وليس كل من تمرن لفترة ونمت عضلاته أو خضع لدورة لمدة شهرين في معهد مجهول صار قادراً على التدريب؛ فالدراسة تلعب دوراً والخبرة تليها ليكون المدرب مؤهلاً وقادراً على فهم الأمور الصحية المرتبطة باللياقة البدنية. والمدرب الخاص يجب أن يكون قادراً على إيجاد البرنامج الشخصي الملائم لاحتياجات الشخص وحالته الصحية. لكن ثمة نقطة سلبية لا ينفيها الزين وهو وجود مدربين غير مؤهلين يلجأ بعضهم الى وصف متممات غذائية كالبروتينات وغيرها والتعدي بذلك على دور اختصاصيي التغذية وذلك بغية الربح المادي، وأو قد يذهب بعضهم الى وصف السترويدات وهي في غاية الخطورة وقد سمعنا عن حالات وفاة وعن أضرار صحية متعددة شديدة الخطورة قد تؤدي الى الموت… من هنا يطرح سؤال آخر: من يراقب النوادي المؤتمنة على أجساد الزبائن وصحتهم وأرواحهم ويراقب درجات الأمان فيها؟ وهل هي بحاجة الى رخصة قانونية من البلدية أو أية مرجعية رسمية أخرى؟ أم أنها ككل شيء في لبنان لا تخضع لرقابة ولا يتم التدخل وإثارة موضوع الأمان والسترويدات إلا عند وقع حوادث مميتة لا تلبث الضجة أن تنطفئ بعدها؟ من يراقب السلامة؟

 

الرقابة ذاتية

 

لا يبدو أن النوادي الصغيرة تحتاج الى ترخيص وإلا لما تنامى عددها بهذا الشكل، أما النوادي الكبيرة فهي أيضاً لا تحتاج الى ترخيص محدد بل الى الرخص التي تعطى لإنشاء وتسجيل شركات أو رخص البناء لكنها بلا شك تخضع لتأمين يشمل كل روادها «فالأمر ليس مزحة كما يقول وليد دمياطي وعلينا التكفل بالحوادث التي تطرأ داخل النادي، أما الرقابة من قبل جهات متخصصة فلا وجود لها وتبقى أمراً شخصياً تحرص عليه إدارة النادي من تلقاء نفسها للمحافظة على اسمها وزبائنها. لكن ما يمكن التأكيد عليه أن لا وجود لنقابة تجمع أصحاب النوادي وتؤهل هذا القطاع وتضع له أطراً رسمية بسبب التفاوت ربما في مستوى النوادي. فمن تحمل كلفة تفوق مليون دولار لإنشاء ناديه لا يمكن مقارنته بناد لم تتعدَ كلفته بضعة آلاف او طلب الأمور نفسها من الفئتين». كذلك لا وجود لنقابة تجمع المدربين المحترفين وتضمن أهليتهم وتكون مرجعاً لهم ولرواد النوادي الرياضية.

 

نسأل روني خوري عن مخاطر عدم كفاءة بعض النوادي ومدربيها فيجيب أن سلبيات عدم الخبرة كثيرة أقلها عدم حصول الزبون على النتيجة المتوخاة وآخرها ضرر أو عطب قد يصيب المتمرن خاصة إذا كان يعاني من حالة صحية ما لم يبلغ عنها المدرب. «بالنسبة إلينا ولكون معداتنا دقيقة فإن مدربينا يخضعون لتأهيل متواصل من قبل الشركة الأم في إسبانيا وذلك لجعل أجهزتنا تعطي أفضل نتيجة وهذا يخدم الرواد والنادي والشركة على حد سواء». ونسأله ايضاً من خلال خبرته من هم الأكثر التزاماً بالرياضة النساء أم الرجال؟ يؤكد أن النساء يثابرن ويلتزمن للحصول على النتيجة التي يطلبنها حتى إن إحداهن تقصد النادي خلال استراحة الظهر في عملها وقد تهمل تناول غدائها من أجل استغلال الاستراحة للتمرن.

 

من جهته يؤكد الزين أن الالتزام متساوٍ عند الرجال والنساء، ربما النساء يتابعن الصفوف الرياضية أكثر لكن الرجال يتمرنون داخل النادي وعلى الأجهزة الرياضية المختلفة. وثمة نوع آخر من الرواد هو الذي يقصد النادي للتسلية والتسامر والتعرف الى الناس فقد باتت النوادي حاجة نفسية واجتماعية بقدر ما هي حاجة جسدية. لكن في الختام يؤكد الزين على ضرورة اختيار النادي الصحيح والمدرب المؤهل واعتماد الطريق الصعب دوماً إذ لا طريق سهلاً للرشاقة.