حازت المبارايات الرياضية، التي تخوضها فرق الاندية اللبنانية، في البطولات المحلية والعربية، وخصوصا كرة السلة بجدارة وتألق لافتين، على اهتمامات اللبنانيين واعجابهم، وخطفت انظارهم وانشغالاتهم عن السياسية التي باتت في مفاهيم معظمهم، بحالة عجز مطبق وانعدام وزن، وفقدان القدرة على التأثير والمبادرة، لاحداث التغيير المطلوب لانقاذ لبنان من كارثة الانهيار التي يتخبط فيها منذ سنوات، الى حدود التسليم بالامر الواقع، وترك الوطن يتخبط في مهب الريح.
اكثر من ميزة لافتة بمباراة كرة السلة، بمواسمها وبطولاتها المحلية والعربية الدائرة حاليا، جذبت انظار اللبنانيين، وجعلتها محط متابعتهم وشغفهم، أكثر بكثير من ملاحقة اخبار الحركة السياسية، واجتماعات مجلس النواب المسرحية، او جلسات الحكومة العرجاء، او الاستماع الى مواقف وتصريحات بعض السياسيين الكاذبة والفارغة من اي محتوى مفيد، او انتظار اجتماعات اللجنة الخماسية العاجزة عن اجتراح المخارج والحلول لانتخابات رئاسة الجمهورية، المصادرة من الهيمنة الايرانية على لبنان، تحت شعارات مقاومةإسرائيل،او ترقب عودة المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين ومسار اتصالاته وهندسة تفاهماته الجديدة مع حزب الله على الحدود اللبنانية الجنوبية،بعد نجاح صفقة ترسيم الحدودالبحرية سابقا، او ملاحقة مهمة الموفد الفرنسي لودريان المسدودة الأفاق والابواب من كافة الاطراف حتى الان على الاقل.
أولى هذه الميزات،حسن الاهتمام والتدريب والتنظيم، في مستويات الاندية اللبنانية، ما أدى إلى تفوقها وفوزها في معظم الاحيان على سائر الاندية والفرق الخارجية، ورفع مستوى لعبة كرة السلة اللبنانية الى مستويات متقدمة، عربيا وخارجيا.
اما الميزة الثانية والمهمة ايضا، تجاوز الفرق المحلية، حالة الانقسام السياسي الداخلي والتنابذ، ونزوات المشاعر الطائفية التي تطبع تصرفات بعض الاحزاب ومناصريهم من وقت لاخر، وتغليب الروح الرياضية، على كل محاولات اذكاء الفرقة والخصومة، في حالات الربح والخسارة، بعد كل مباراة يخوضانها والاصرار على الاستمرار في خوض المباريات، من منطلق رياضي صرف،لرفع مستوى اللعبة، لبنانيا وخارجيا نحو الافضل، وتشجيع جيل الشباب عل الاقتداء بمفاهيم الروح الرياضية ومعانيها في حياتهم وممارساتهم .
اما الميزة الثالثة التي ارتسمت في ثنايا النجاح الذي يواكب مباريات كرة السلة اللبنانية وتالقها، فهي تفوق الرياضة اللبنانية، على السياسية والسياسيين عموما، وقدرة الرياضيين على ابتداع نموذج جديد، للخروج من ازمات الخلافات والتباعد، وموجات الفساد والفوضى والارتهان للخارج، لتحقيق الإنجازات والنجاحات من خلال الرياضة وكرة السلة تحديدا هذه المرة، الامر الذي يرتب تحديات، ليس على باقي الاندية الرياضية اللبنانية، الاقتداء به للنهوض بباقي الالعاب الرياضية،لاسيما منها كرة القدم، وإنما على السياسيين اللبنانيين كلهم، مسؤولين وخارج السلطة، لاستلهام هذه التجربة الناجحة، والقيام بما يلزم لحل الازمات والمشاكل التي تعصف بلبنان، وان كانت مثل هذه التمنيات عقيمة في ظل القحط السياسي الذي يعم لبنان حاليا، وتحكم أمراء الفساد الطائفي والمذهبي بتقاسم مغانم البلد والتحكم بمقدراته، بغياب لافت من المحاسبة الشعبية،وتحلل مؤسسات الدولة وعجزها عن القيام بملاحقة المرتكبين والفاسدين.