«في الدورة الــ 152 دان مجلس جامعة الدول العربية الاعتداءات الإسرائيلية على بعض الدول العربية بالطائرات المسيّرة».
تلك خلاصة ما أعلن في بغداد عن اجتماع مجلس الجامعة.
وسرّنا هذا الخبر، بكلماته القليلة لأنه أعاد الى ذاكرتنا أن هناك «شيئاً ما» يحمل تسمية جامعة الدول العربية.
وهذه التسمية (لمن يريد أن يتذكّر، وإنعاشاً للذاكرة) تم التوصل إليها في بروتوكول الإسكندرية في أيلول 1944. وكانت سوريا اقترحت اسم «التحالف العربي»، أما العراق فأراد اسم «الاتحاد العربي». ولأن التسميتين (تحالف واتحاد) تثيران هواجس معروفة لدى لبنان وبلدان عربية أخرى، كل من خلفية خاصّة، اعتمدت تسمية «جامعة» التي عرضها الرئيس اللبناني الشيخ بشارة خليل الخوري الذي كان قد لبّى دعوة رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس باشا الذي دعاه ورئيس الوزراد السوري جميل مرام بك للتباحث معهما، في القاهرة، حول فكرة إقامة هيئة عربية ما بهدف «توثيق التعاون بين البلدان العربية».
ومن ذلك الاجتماع الثلاثي انبثقت الفكرة التي أيدتها الدول العربية السبع التي كانت قد نالت استقلالها في ذاك الحين وهي: لبنان ومصر وسوريا والمملكة العربية السعودية، شرق الأردن، العراق واليمن.
وجاء في «ديباجة» ميثاق الإعلان عن الجامعة أنها قامت تثبيتاً للعلاقات الوثيقة والروابط العديدة بين الدول العربية (…) على أساس احترام استقلال تلك الدول وسيادتها الخ…
ولأنّ الثقة مفقودة بين تلك الدول فقد نصّت المادة 8 من الميثاق على أن تحترم الدول المشتركة نظام الحكم في الدول الأخرى وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول وتتعهد بألاّ تقوم بعمل يرمي الى تغيير ذلك النظام فيها».
ولعلّ المسعى اللبناني الذي ترك آثاراً حتى اليوم في مسار عمل الجامعة (هل الجامعة تعمل فعلاً!) هو حصوله على موافقة سائر الدول، بعد نقاش طويل، بأن يكون التعاون «إراديا» بين الدول الأعضاء. إضافة الى الإصرار اللبناني على «الإجماع» في القرارات… ومعروفة الخلفية اللبنانية وراء هذين الإصرارين وبالتالي فالقرارات ملزمة فقط لمن يوافق عليها. وميثاق الإسكندرية ينصّ على عدم جواز اللجوء الى القوة لفض النزاعات.
لقد استدرجنا الى هذا الكلام البيان عن الطائرات المسيرة التي دانها مجلس جامعة الدول العربية…
ولكن السؤال المطروح: ماذا بعد الإدانة؟ ماذا غير الكلام؟!
أعتقد أننا نطلب المستحيل… أصلاً لعلنا نستغرب أن تكون هذه الجامعة لا تزال تصدر بيانات، وإن حبراً على ورق.