من يستمع الى سلسلة الأحاديث التلفزيونية ويقرأ المقابلات الصحافية التي أدلى بها بشار الاسد في الآونة الأخيرة يخيل إليه أنّه يستمع الى أحد الأولياء والقديسين لشدّة ما يتظاهر بالإنسانية والأخلاقية وحتى الطوباوية… وكأنّه يوزّع المنّ والسلوى على الشعب السوري وليس يرميهم بالبراميل المتفجرة وسائر أنواع القذائف.
ولم تكن مصادفة أنْ يأتي تعليق صحيفة «الغارديان» البريطانية الرصينة على هذه التصريحات بقولها: الأسد مجرم حرب رغم أكاذيبه، وكان دوماً جزءاً من المشكلة في سوريا وليس الحل… لتضيف: إنّ مقابلاته الإعلامية دليل على فشل السياسة الغربية في سوريا.
غريب أمر هذا الرجل، هل يصدّق نفسه في ما يقول؟ هل يصدّق مزاعمه وأكاذيبه؟ وأصلاً: هل في هذه الدنيا كلها من يصدّقه عندما يقول إنّه يضرب الإرهابيين ولا يضرب المواطنين؟
يأتي هذا القول فيما نصف الشعب السوري مهجّر، ونصف البلد مدمّر، ومئات آلاف القتلى، ومليون من الجرحى والمشوّهين والمفقودين… فهل هؤلاء كلهم إرهابيون أشرار وهو وفريق من العلويين وحدهم من الأخيار.
الـ»بي.بي.سي» ذكرت أمس أنّه في حلب وحدها 5000 يتيم، وفي دوما يموت الناس اختناقاً جراء القصف بالأسلحة الممنوعة التي يستخدمها النظام، وهو ينكر استخدام غاز الكلور والبراميل المتفجرة ضدّ المدنيين إضافة الى نفيه محاصرة قواته المدنيين وتجويعهم… علماً أنّ هذه الجرائم معلنة في وثائق رسمية صادرة عن أعلى المرجعيات الدولية والأممية والمنظمات الحقوقية في العالم.
ولا بدّ هنا من التذكير بتقرير بعثة تقصّي الحقائق المعنية باستخدام السلاح الكيماوي في سوريا، ذلك التقرير الذي حمّل نظام الأسد المسؤولية عن إلقاء البراميل المتفجرة التي تحوي غاز الكلور…
وبعد هذا يرتدي بشار الأسد مسوح الرهبان والنسّاك والزاهدين… ولكن المشكلة ليست فيه وحده بل أيضاً، خصوصاً، في وسائط الإعلام الغربية التي تفسح له في المجالات الواسعة لتعميم كذبه… في ما يبدو أنّه إزدواجية أميركية – غربية فاضحة.