Site icon IMLebanon

الاستقرار في لبنان “نقطة تقاطع” أميركية – روسية

 

لم يكن الوضع في لبنان مدرجاً بشكل اساسي على اعمال القمة الاميركية – الروسية التي عقدت امس في هلسنكي. لكن الاستقرار في لبنان يشكل نقطة تقاطع في المصالح الاميركية والروسية. والتفاهمات بين الطرفين حول سوريا والمنطقة ستؤثر حتماً على لبنان.

 

الاميركيون، وفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية، ينتظرون تأليف الحكومة اللبنانية، وهناك دعم كبير ومطلق للرئيس المكلّف سعد الحريري. وهو بالنسبة اليهم الضمانة الوحيدة للاستقرار في لبنان. والادارة الاميركية قلقة اذا استمر الوضع على ما هو عليه بلا حكومة، اذ انها ترفض اية خسارة لاي عامل من العوامل التي تساهم في الاستقرار، وهي تريد الحفاظ على كل العوامل المؤدية الى الاستقرار. وبالتالي، انها داعمة لعمل المؤسسات، واي انفراط لها، يؤثر على لبنان وعلى العلاقات الدولية والخارجية معه. ولا تريد واشنطن المس بأي من عوامل الاستقرار، لان اي مس بها، قد يؤدي الى التخوف من عدم التعامل مع الحكومة.

 

لذلك، بحسب المصادر، فان الادارة الاميركية لا تريد في لبنان حكومة تكون “صاحبة مشاكل” مع واشنطن. لا بل تريد حكومة جامعة وفي الوقت نفسه حكومة معتدلة في مواقفها ومتوازنة، وان يكون بيانها الوزاري معتدلاً ايضاً. وهذا يشكل بالنسبة الى واشنطن احد عوامل الاستقرار في لبنان. وثمة تخوف لدى الادارة من ان تشكل حكومة، يكون فيها “حزب الله” ذا نفوذ قوي، وان يتمثل عبر حصوله على وزارات سيادية. واذا كانت الحكومة ستُطبع بهذا الطابع فانها ستكون مهددة بعدم التعامل معها. وعلى لبنان ان لا يقدم اي عذر لقطع المساعدات الاميركية عنه، او اتخاذ خطوات تصعيدية غير معروفة منذ الآن. ذلك ان تشكيل اية حكومة ذات وجود كبير للحزب، وفيها وزارات سيادية له، سيُواجه من قبل الكونغرس الذي يتصف حالياً بالتطرف، باجراءات لن تخدم لبنان. والمهم ان لا تتأثر العلاقات اللبنانية – الاميركية من جراء اية حكومة.

 

ولم يكن واضحاً قبل انعقاد القمة ما الذي ستؤول اليه الأمور في ضوء مواقف الرئيس دونالد ترامب غير المستقرة. لكن مع القمة ستبدأ التسويات، والبحث بالتفاهمات السياسية. حتى الآن انتهت المعركة السياسية في سوريا، انما ما تحقق قبل القمة جملة معادلات، وهي: اضعاف سوريا، والسعي لضبط السيطرة الايرانية، وتسويات تناسب اسرائيل بالدرجة الاولى، وضرب قاعدة القضية الفلسطينية. والعمل الآن هو على كيفية بلورة التسوية المقبلة، لا سيما وانه سبقت القمة زيارة لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى موسكو. وتتحدد لاحقاً من جراء مفاعيل القمة، ادوار كل من اسرائيل وتركيا وايران في المنطقة.

 

مهمة ترامب هي التفاوض، انه براغماتي، هذا ما قام به مع كوريا الشمالية. وعلاقته بالروس جيدة. في حين ان ما يهم الروس هو الاولويات قبل القضايا الثانوية في العالم. موسكو تريد اوكرانيا والبلطيق. ويمكنها ان تُعطي في مواقع اخرى من العالم. ترامب لن يقبل بجمهوريات اسلامية من ليبيا حتى الشرق الاوسط، ولا بالاخوان المسلمين، حيث كانت سياسة باراك اوباما باستخدامهم لتحقيق اهداف محاربة الانظمة. ويهم روسيا ان تأخذ في الاقتصاد ايضاً، في حين ان الاميركيين يهتمون لمسألة ان تساعدهم روسيا بالنسبة الى الصين. الطلبات الروسية اكثر مما هي الطلبات الاميركية، لان واشنطن لديها قدرة ذاتية اعمق مما هي لدى موسكو.

 

طلبات روسيا، مكافحة الارهاب، واوكرانيا والاقتصاد الروسي. والارهاب اساسي لديها. ومحاور البحث، ركزت، على الحل في سوريا، وفق انتخابات باشراف دولي. وكذلك دور ايران في المنطقة، اذ هناك مسعى قد يتم ايجاد حل وسعي إليه، ويمكن ان يكون هذا الدور ليس مختصراً، وليس جامحاً في الوقت عينه، انه دور موجود لا يمكن اخفاؤه. انما قد يتم التعاون لتحديد اطر له.

 

وتفيد المصادر، انه في الولايات المتحدة تيارات بالنسبة الى التعامل مع ايران. الاول يقول، بأن الضغط واجب على ايران لتغيير سياساتها وتعديلها ما يؤدي الى تخفيف جموحها وسيطرتها وتسلطها. والثاني، يقول، بضرورة تغيير النظام في ايران، وهذا يؤدي حتماً الى تغيير السياسة الايرانية.

 

الا ان المصادر، تعتبر، ان ليس بالامكان الغاء ايران. نفوذها سيبقى، لكن الطلب الاميركي الى الروس في القمة كان بضرورة اقتراب سياسة ايران نحو الاعتدال. وهناك مصلحة مشتركة لواشنطن وتل ابيب في ان يتم البحث مع روسيا لتحقيق ذلك. والاميركيون قالوا كثيراً بتغيير النظام في كوريا الشمالية، لكن لم يحصل شيء من هذا القبيل.

 

بالنسبة الى سوريا، الانظار الاميركية الروسية تتجه الى الانتخابات الرئاسية، مبدأ الانتخابات مهم في ظل وجود قوة دولية تراقبها. والاهم عند ترامب هو الاقتصاد. لذلك، ان هناك قلقاً من فكرة ان تتوالى صفقات العصر التي بدأت بالنسبة الى القدس، ثم كوريا الشمالية، وصولاً الى سوريا، من حيث المساهمة في اعادة الاعمار، اذا تمت انتخابات باشراف دولي. لكن من دون تركيا والسعودية وايران، لن يتم ووضع اي اطار للحل في سوريا، وشرط موافقتهم يسبق اي مشروع اعادة اعمار.