من المستفيد من أجواء التصعيد؟
أجل، من له مصلحة في دفع لبنان الى قعر الهاوية التي يقف حالياً على حافتها.
في الأيام الأخيرة أخذنا نلمس، ونشعر بالتأكيد كأننا نستعيد أجواء الحرب!
ولا نسأل: من وراء ذلك؟ فقط نسأل: من المستفيد؟!
في تقديرنا أنّ أحداً لا يمكنه أن يستفيد من عودة الصراع (غير السياسي) الى الشارع! ولا حتّى الذين يشحنون ويحرضون ويهيجون!
ثم ليؤذن لنا أن نهمس في آذان أصحاب الرؤوس الحامية، التوّاقين الى استعادة الحروب والاضطرابات، فنقول: لا يكفي لاندلاع الأحداث الأمنية أن يكون طرف أو طرفان أو أكثر، في لبنان، يريدون العودة الى الأيام السود حتى تعود!
فالحروب، في العالم، وإن كانت داخلية في بلد أو آخر يلزمها عناصر عدة، أبرزها «الإرادة الدولية»! فهل ثمة إرادة دولية في هذا المجال؟
هل من قرار دولي كبير بعودة لبنان الى أجواء المرحلة الممتدة من 1975 الى 1990؟!
المعلومات المتوافرة تتقاطع عند نفي وجود مثل هذا القرار الدولي…
والعكس صحيح: إن القرار لا يزال ساري المفعول بإستقرار لبنان.
أضف الى هذا أن الوضع الداخلي في لبنان تبدل كثيراً. وحتى من يستعيد أجواء الحرب ولغة الحرب يجب عليه أن يبحث عمن يحاربه فالمعلومات المتوافرة تؤكد على أنّ أي طرف لا يريد خوض حروب أهلية (داخلية) جديدة.
والأهم أن الجيش اليوم، هو قوة جامعة وليس في مقدور أي طرف لبناني أن يوجه الى الجيش تهمة الانحياز الى فريق ضدّ آخر والجيش لديه من المناعة ما يجعله عصياً على أن يخضع للابتزاز، وأن يقع في أحابيل التقسيم.
وأمّا التهويل بــ6 شباط فنظنه خطأ غير مقصود أو ربما هو مجرد زلة لسان لا تبدل في واقع الحال شيئاً ولا هي محاولة تخويف أو تلويح بما لا يمكن أن يحصل.
إن لعبة الشارع سلاح ذو حدين والحد الثاني (اي الارتداد سلباً على أصحابها) أكثر فاعلية من الحد الأول (التورط في هذه اللعبة).
لذلك ليس ثمة مخاوف من لعبة الشارع وإذا كان البعض يراهن على أنّ بعض القيادات يمكنه أن يعزز احتمالات تحريك الشارع (غير السلمي)، فإنه رهان خاسر سلفاً. وهذه حقيقة لا تقبل أي شك.
إلا أن ثمة رأياً آخر يقول إنه قد يكون يراود البعض استخدام الشارع للتهويل والتلويح والتخويف… وبالتالي فإنّ ما بعد الشارع لن يكون كما قبله: إذ يتعذر الرهان على إبقاء الشارع «تحت السيطرة»، وبالرغم من أن الأجواء الدولية غير مؤاتية، إلاّ أنّ الشارع عندما يُستخدم في ظروف من التحدي فإنّ أحداً لا يمكنه أن يراهن على إبقاء الوضع منضبطاً. وتجارب السابق خصوصاً الحرب وما تخللها من عشرات الهدنات تكشف بوضوح أنّ الناس ليسوا روبورتات يمكن تحريكهم بالـ«ريموت كونترول».