بدأت المخاوف تكبر بفعل عدم التوافق على أي عنوان داخلي سياسي أم حكومي على طاولة الحوار الوطني، في ضوء إعلان أكثر من مرجعية مشاركة في الحوار عن وصول الساحة الداخلية إلى مشارف الإنهيار بسبب الشغور الرئاسي بشكل عام، وأزمة النفايات بشكل خاص. وفي هذا الإطار، يكشف مصدر نيابي شارك في حوار عين التينة بالأمس، أن الإستقرار الحالي ليس سوى هدوء ما قبل العاصفة التي لا تزال تتربّص بالمعادلة اللبنانية القائمة على اتفاق سياسي هشّ لتقطيع الوقت وتمرير الشؤون الملحّة، والتركيز فقط على الجانب الأمني الذي ما زال مهدّداً رغم التهدئة على الساحة السورية. ورأى المصدر أن استمرار الأزمة مع دول الخليج، والذي يُترجم بأكثر من وجه وعلى أكثر من مستوى سياسي وإقتصادي، وأخيراً رياضي أيضاً، يُنذر بتنامي الأزمات، وبالتالي التعقيدات على مستوى الإستحقاق الرئاسي في الدرجة الأولى.
من جهة أخرى، فإن تعليق الحكومة لجلساتها بانتظاء إنجاز الإتفاق «السياسي» حول أزمة النفايات، قد شكّل، وبحسب المصدر النيابي نفسه، إطاراً لـ «كباش» داخلي استعادت فيه مكوّنات الحكومة خلافاتها السابقة من دون أن تلوح في الأفق حتى الساعة أية ملامح لمساع جارية لتعزيز التضامن الحكومي، وذلك على الرغم من طمأنة رئيس مجلس النواب نبيه بري للبنانيين بأن حكومة «المصلحة الوطنية» ليست في وارد الإستقالة. وإذ أشار المصدر إلى أن الحلّ السياسي يبدو حتى الآن بعيد المنال، أكد أن الإنقسامات قد وصلت بالأمس إلى طاولة الحوار، وسينسحب هذا الواقع أيضاً على الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله». واعتبر أن استمرار الإنقسام على الأقلّ حول أزمة النفايات وتوزيع المطامر «الطائفي»، سيؤدي إلى أزمة مفتوحة على المستوى الحكومي، كون إزالة العقبات أمام تسوية المطامر، هي رهن القيادات السياسية الكبرى، ولذلك، فإن تعليق اجتماعات الحكومة مستمر على الرغم من دعوة الرئيس تمام سلام اللجنة المتخصّصة بحلّ أزمة النفايات إلى الإجتماع.
وعلى الرغم من رفض أي من المتحاورين بالأمس الحديث عن أي تطوّرات متعلّقة بالإستحقاق الرئاسي والمداولات التي جرت حوله، فإن مؤشّرات عدة ترسم صورة تشاؤمية حول جلسة الإنتخاب المقبلة، حيث أن رئيس المجلس الماروني العام الوزير السابق وديع الخازن، العائد من جولة أوروبية شملت الفاتيكان، أبدى قلقه الشديد حيال الأجواء الأوروبية تجاه الإستحقاق الرئاسي، وبالتالي الوضع العام في لبنان، وذلك بسبب الفشل في ترجمة كل المبادرات السياسية إلى توافق على إنهاء الشغور الرئاسي، إضافة إلى تفاقم أزمة النفايات التي تنذر بالإطاحة بالحكومة، وقد تؤدي إلى إعلان حالة الطوارئ على المستوى البيئي والصحي. وكشف الخازن، أن النقمة الشعبية التي تكبر بسبب تراكم الأزمات، قد تصل إلى تكوين مناخ شعبي ضاغط يؤدي إلى نتائج غير واضحة المعالم، وإلى تعقيدات سياسية خطيرة، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام لدى دوائر القرار الأوروبية، وتحديداً لدى باريس والفاتيكان حول مستقبل الوضع السياسي العام، وتأثير ذلك على الإستحقاق الرئاسي وضياع كل الحلول المطروحة لإنجاز الإنتخابات الرئاسية. وتحدّث الخازن عن انعكاس هذا الوضع على مجمل الدور المسيحي في لبنان والمنطقة لجهة احتمال حصول السيناريو الأسوأ بالنسبة للحفاظ على الصيغة الوطنية الفريدة بين المسيحيين والمسلمين، وذلك إذا استمر الفشل في انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي، فإن القلق يتعاظم حول المشهد العام، خاصة وأن تراكم الأزمات وتحوّلها إلى حواجز تمنع حصول الإنتخابات الرئاسية هو أمر غير مقبول، وسيبقي لبنان تحت وطأة المخاطر، في ظل الإرتدادات السلبية بالصراعات الإقليمية.