تذكّر المرحلة الراهنة بتلك التي سبقت ولادة اتفاق الطائف، ولا سيما في ظل الانقسام المسيحي الحادّ على خلفية التمديد للمجلس النيابي وما يتعدّاه الى الاستحقاق الرئاسي وأمور أخرى، وتلك الانقسامات بدأت تؤثر على مسار التحالفات السياسية بحيث فرز التمديد النيابي واقعاً مغايراً على المرحلة التي سبقته، ولكن ما يثير المخاوف يكمن في استحالة التوافق على رئىس عتيد للجمهورية بين المكوّنات المسيحية.
ووفق اوساط سياسية عليمة فالمرحلة الحادة بكل تجلياتها في اواخر الثمانينات من حروب التحرير والالغاء الى الحرب الاهلية فانها وفي سياق توافق اقليمي ودولي انتجت اتفاق الطائف الذي اوقف تلك الحروب والآن الوضع الراهن شبيه الى حد بعيد بما حصل حينذاك وان كانت الظروف الحالية اكثر تعقيداً وصعوبة على اعتبار ان المجتمع الدولي منغمس ومتفرع بحروب المنطقة التي تأكل الاخضر واليابس من العراق الى سوريا، وبالتالي هنالك حالة مذهبية لا مثيل لها وانقسام داخلي عمودي واصوليات وتكفيريين، واشارت الى أن هذه «الموضة» لم تكن موجودة في الحقبة التي انتجت الطائف حيث كان الاتحادالسوفياتي والولايات المتحدة واليسار واليمين ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وتكشف الاوساط عن انه ورغم هذه الضبابية والصعوبات والحروب المحيطة حول لبنان وكرة النازحين التي تحولت الى كرة نار، فهنالك اجواء ومعلومات عن اتصالات دولية وفاتيكانية تجري على اعلى المستويات من أجل انتخاب رئيس للجمهورية وايجاد مخرج او منفذ لتسويقة او «ميني حل» اقله انتخاب الرئيس العتيد، وبوادر هذه التحركات انطلقت من باريس وثمة اتصالات بينها وبين واشنطن لهذه الغاية وصولا الى حراك من الفاتيكان عبر الوفد الذي وصل بيروت للقاء القيادات المسيحية والبطريرك مار بشارة بطرس الراعي، حاملاً رسائل من قبل قداسة البابا فرنسيس تتعلق بالشأن اللبناني والوضع المسيحي على وجه الخصوص.
وتلفت الاوساط المذكورة الى ان هذه التحركات تأتي بعد التمديد مباشرة حيث كان المجتمع الدولي في اجوائه وبعد امرار هذه المرحلة التمديدية وازاء المساجلات المسيحية ـ المسيحية والتي انطلقت بعد جلسة الاربعاء الماضي الى حد يشبه ما كان يجري في الماضي فان العواصم الغربية شعرت بخطورة الاوضاع والمخاوف من ان تفلت الامور من عقالها وان يطير موقع الرئاسة في لبنان. ولهذه الغاية، تكثّفت وتفاعلت المشاورات والاتصالات وقد يشهد لبنان في الايام القليلة المقبلة وصول موفدين غربيين، ما يعني ان التحرك الدولي ربما يضفي الى صيغة معينة تعمم على عواصم اقليمية معنية بالملف اللبناني، وعندئذ يُنتخب رئىس للجمهورية.
ولكن حتى الآن تضيف الاوساط ليس هنالك من معلومات حول آلية هذه الحركة الدولية وقد تحتاج الى وقت لمعرفة اتجاهاتها وما اذا كان هنالك من حسم لعواصم غربية وفي طليعتها واشنطن لوقف مهزلة الشغور وانتخاب الرئيس. وفي هذا الاطار، تؤكد جهات سياسية معنية على بيّنة من هذه الاتصالات ان الامور في مكانها ويمكن وصفها بالتشاور وجسّ النبض وربما هنالك طبخة تحضّر بعدما طبخ التمديد واصبح طبقاً جاهزاً وحسمه باجماع نيابي قد ينسحب على الاستحقاق الرئاسي عندما تبلغ الاتصالات الدولية مراحلها المتقدمة.