انقضى رأس السنة في الوقت الذي تستمر مشاكل العام 2014 وكأن كل شيء على حاله: ازمة رئاسة الجمهورية وقضية العسكريين المحتجزين، فضلا عن مشكلة الغذاء التي تكاد ان تتحول الى ما يشبه المادة القاتلة لكل انسان لبناني، زد على ذلك عقدة قانون الانتخابات النيابية، وعقدة تصحيح الاجور في القطاع العام، ما يبشر بسلسلة طويلة عريضة من الاضرابات من غير ان ننسى القانون الجديد للايجار الذي بشرنا به رئيس مجلس النواب نبيه بري بقوله ان الطعن في بعض مواده من جانب المجلس الدستوري يبقيه عالقا حتى اشعار اخر!
اما العلل السياسية العالقة في مجال الحوار المرتقب بين تيار المستقبل وحزب الله، فلا تزال غير واضحة بالنسبة الى مقاربتها، من غير ان ننسى حوار رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع العالق بدوره بين ان ينعقد وبين تحديد مواده الاساسية التي لم تتحدد بعد بانتظار وضوح الرؤية ازاء موضوع رئاسة الجمهورية والخلاف المسيحي – المسيحي بين التكتل الذي تربطه علاقة مصير مع حزب الله الحليف الذي لا بد منه، وبين حزب القوات والاحزاب الحليفة المسيحية الاخرى التي تربطها علاقة مصير مماثلة مع تيار المستقبل، من غير حاجة لان يطلب هذا الفريق او ذاك فك ارتباط مع حلفائه، حيث لا بد من ان تتوج العلاقة مرة واحدة ونهائية (…)
ان تيار المستقبل الذي جس نبض حزب الله في لقائهما الاول لم يتجاوز العموميات، طالما ان المشكلة بينهما عالقة بتدخل الحزب في الحرب السورية مقابل تأييد المستقبل خصوم بشار الاسد، اضافة الى عقدة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تنظر في الاتهامات الموجهة لعناصر من حزب الله بتهمة المشاركة في عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهي من الامور التي يستحيل القول عنها انها خيارات سهلة في حال مقاربتها عن جد!
اما بالنسبة الى جس النبض في ما يتعلق بلقاء المصارحة المنتظرة بين عون وجعجع فليس اصعب من الاول لكنه ادق بكثير من حوار المستقبل والتكتل، نظرا لاستحالة التفاهم على من يقود المسيحيين في لبنان، فضلا عن عقدة رئاسة الجمهورية العالقة منذ اواخر الثمانينات اي قبل الصراع المسيحي – المسيحي وقبل سجن جعجع وهجرة عون، خصوصا ان مجالات تلاقي الطرفين معدومة كليا منذ وقت بعيد، لاسيما ان ما يبعد بينهما اكثر بكثير مما بوسع احد القول عنه انه سهل وبالامكان تخطيه؟!
الذين على قرب من عون مثلهم مثل الذين على قرب من جعجع ينظرون اليهما وكأن لا مجال لان يتخطيا عقد الماضي التي اخترعاها من لحظة تشكيل الحكومة العسكرية برئاسة العماد ميشال عون وتطور النزاع بين الجانبين الى حد الحاجة الى فض نزاع بينهما من تلك الاونة. والشيء بالشيء يذكر لاسيما ان عون لم يتعلم من اخطاء الماضي ومثله جعجع الذي ينـظر الى الاول وكأنه عدو وليس مجرد سياسي يختلف بالنظرة معه، طالما ان المشكلة لم تتجاوز حدود السياسة، وقبل ان تنتقل عدوى الخلافات الى القوات وحزب الله على اساس النظرة الى الحرب في سوريا.
ومن الان الى حين وضوح الرؤية السياسية العامة والوطنية لابد من القول ان ثمة استحالة امام نجاح حوار المستقبل وحزب الله مثل استحالة نجاح حوار عون – جعجع كشخصين مؤهلين لان يقودا القطيع المسيحي من منطلقين اقل ما يقال فيهما وحدة النظرة الى الرئاسة الاولى؟!
صحيح ان العقدة الرئاسية ليست اجنبية كما انها ليست اقليمية، لمجرد ان الذي يمنع اجراءها هو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي سبق له ان رشح احد نواب كتلته هنري حلو ليس للفوز بالمنصب الرئاسي بل لافهام من لم يفهم بعد انه قادر على «خردقة» الصف النيابي والحيلولة دون اكتمال النصاب في حال اصر على مرشحه!
ومن الان حتى ظهور صحوة سياسية مغايرة لما هو حاصل في البلد، فان الحوارات بما في ذلك مشاريع الحوار قد لا تعطي ايجابية واحدة نتيجة الانطلاق من مصالح متباعدة واي كلام اخر لا بد وان يرفض كي لا يشكل ضحكا على الذقون؟!