Site icon IMLebanon

المراوحة عنوان المرحلة

 

قوى الإنتاج توحّد صوتها في مواجهة تأخير الإصلاحات وزيادة الضرائب

 

“الهيئات” و”الاتحاد” تركا إجتماعاتهما مفتوحة

لم يتأخر الاتحاد العمالي العام في رد الزيارة للهيئات الإقتصادية في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان. الإجتماع الذي أتى بعد نحو أسبوع من اللقاء المشترك في مقر “الاتحاد” لم يكن بهدف اللياقة الاجتماعية، بل نتيجة استمرار تأزم الاوضاع الاقتصادية، وشعور فريقي الانتاج الرئيسيين بالضغط، الذي يسبّبه استمرار تغييب الاصلاحات الرئيسية وتحميل القطاع الخاص والعمال المسؤولية.

في بيان مقتضب أوصل رئيس جمعية تجار بيروت نقولا الشماس، مطالب الفريقين الى المسؤولين والمعنيين الذين يحضرون موازنة العام 2020، والتي ركزت على ثلاث نقاط رئيسية وهي: تحسين ظروف المؤسسات والعاملين فيها، عدم زيادة الاعباء الضريبية، البدء فوراً بالاصلاحات الجدية، لا سيما لجهة ضرورة خفض حجم القطاع العام، وهيكلة نفقاته، والاسراع في إصلاح الكهرباء، والضرب بيد من حديد لوقف التهرب والتهريب، والمباشرة باتخاذ الإجراءات الكفيلة ببدء تنفيذ مقررات “سيدر”.

 

الأثر الإجتماعي مغيب

 

أمل القطاع الخاص بعدم تحميل موازنة 2020 ضرائب جديدة والعمل على تحفيز الاقتصاد ما زال قائماً لغاية اللحظة على التمنيات، “فبالرغم من تأكيد وزير المالية علي حسن خليل على عدم تضمين موانة 2020 ضرائب جديدة، إلا أن هناك على الأكيد إجراءات ستتخذ لتعويض الفرق بين النفقات والايرادات، وكل الطموح هو أن يؤخذ في الاعتبار وقع هذه الاجراءات الاقتصادي والاجتماعي وتأثيرها، ليس فقط على المؤسسات والنمو الاقتصادي، انما أيضاً على الوضع الاجتماعي وعلى الأسر وذوي الدخل المحدود، وعلى من لا يتقاضى أجراً”، يقول رئيس “المجلس الاقتصادي والاجتماعي” شارل عربيد.

 

زيادة الضرائب نتائجها عكسية

 

نقيب “أصحاب السوبر ماركت” نبيل فهد يعلق ممازحاً، “قد لا تكون هناك ضرائب جديدة في الموازنة، انما لسنا أكيدين من ألا يرفعوا الضرائب الحالية”. كل الاقتراحات لتخفيض العجز ما زالت تتمحور حول كيفية زيادة ضريبة القيمة المضافة على الكماليات وأخرى على المشتقات النفطية وغيره، وكثر من الاقتصاديين والمعنيين يزايدون اليوم بأن مجموع العائدات الضريبية لا تشكل في لبنان أكثر من 19 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، في حين تصل في بقية الدول الى 25 و 30 في المئة، وعليه برأيهم، فإن فرض ضرائب جديدة ما زال متاحاً وممكناً. “نحن نوافق على زيادة العائدات، انما ليس من شباك ضرائب جديدة انما من باب تحسين الجباية وزيادة اعداد المكلفين وليس زيادة النسب على القلة التي تلتزم بتسديد ضرائبها. ليس بسبب تحقيق العدالة الاجتماعية فحسب انما لضمان عدم انخفاضها الى أقل من 19 في المئة”، يقول فهد، مضيفاً: “إذ فبحسب Laffer curve “منحنى لافير”، فانه عندما يتم الوصول الى الحد الاقصى من ناحية فرض الضرائب ينخفض مجمل العائدات”.

 

الطمأنة اكثر ما يقلق

 

طمأنة أفرقاء الانتاج الى عدم فرض ضرائب جديدة هو أكثر ما يقلقهم. “فنحن تفرض علينا ضرائب غير مباشرة بواسطة الفوائد المرتفعة في القطاع المصرفي والتي هي نتيجة حتمية لعجز الدولة وفشل سياساتها المالية والاقتصادية وإضطرار المصارف لتمويلها”، يقول نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة والبقاع منير التيني.

 

الوعود حبر على ورق

 

ما يثير الدهشة والاستغراب هو أن رئيس الحكومة سعد الحريري، ووزير الخارجية جبران باسيل كانا قد وعدا من مقر “الهيئات” خلال اجتماعات النقاش والحوار، باتباع خطوات منطقية تبدأ بإلغاء بعض المجالس غير الضرورية، من ثم ترشيق القطاع العام وتخفيض نفقاته، ومن بعدها يتمّ التوجه الى موظفي القطاع العام ومن ثم الى الخاص للوصول الى المجتمع الدولي. انما لغاية اللحظة “ما زالت المعالجات المنوي اتخاذها، والحلول المقترحة غير كافية ولا تقوم بالواجب. نحن بوضع أخطر بكثير مما يتوقع المواطنون. وإذا لم تبرز الجدية في التعاطي في هذا الوقت بالذات، فانه لن تكون هناك مشاريع ولا تمويل”، يقول رئيس الندوة الاقتصادية رفيق زنتوت.

 

إجتماع الهيئات الاقتصادية مع الاتحاد العمالي العام، اتى بسقف معتدل. ولكن ما لم يقل في الكلمات عبّر عنه قلقهم البالغ من خطورة الاوضاع.

 

فكل الاجراءات التي تتخذ اليوم لا تعدو كونها مرحلية، قد تفيد لأيام لكنها لن تجنب تعميق الأزمة بعد أشهر أو حتى أسابيع قليلة. فالمنحنى الذي تأخذه السياسات الإقتصادية والمالية والنقدية جديد ومخالف لكل الأصول التي اعتادها أفرقاء الانتاج. وليس أقل الامور خطورة لعب سعر صرف الدولار حيث أصبح يوجد في لبنان ثلاثة أسعار، الاول رسمي محدد من قبل “المركزي”، والثاني سعر المصارف التجارية الذي بدأ قبل 8 أشهر يرتفع فوق الهامش بمعدل 1 في المئة حيث وصل الى 1516 أو 1517، وهناك سعر السوق والذي تجاوز منذ أيام الـ 1600 ليرة لكل دولار أي بزيادة 6 في المئة عن السعر الرسمي. هذه الزيادة، بحسب فهد، “ستؤدي الى ثلاثة أمور رئيسية: اولاً، نقل المستوردين والتجار الكلفة على زيادة سعر الدولار الى المحلات والمتاجر وبالتالي الى المواطنين، ثانياً، إحداث بلبلة في تسعير السلع الرئيسية، حيث سيجري التسعير بحسب سعر صرف الدولار ويحدث فرقاً بالاسعار بين المتاجر والمحلات، وثالثاً، تقنين كبير بالسلع، والتي هي أساسية في جزء كبير منها. فالدعم الذي وفره مصرف لبنان يغطي أقل من 30 في المئة من حجم المستوردات التي يدفع ثمنها بالدولار”.