الإنتخابات الإسرائيلية لم تكن إستفتاء على شعبية بنيامين نتنياهو، بل كانت استطلاعاً جديداً للرأي كشف تكراراً ان اسرائيل كيان ينحاز في شكل تصاعدي الى إلغاء فلسطين من الجغرافيا والتاريخ معاً.
ما الفارق بين الليكود والاتحاد الصهيوني ؟
بالنسبة الى فلسطين لا شيء على الاطلاق، نتنياهو زعيم الليكود خاض الانتخابات تحت شعار لا للدولة الفلسطينية، وإسحق هرتزوغ وتسيبي ليفني خاضاها تحت شعارات مطلبية لكنهما بالتالي متمسكان بالقدس وبالمستوطنات والإستيطان بما يعني انهما ضد قيام الدولة الفلسطينية .
هل من الضروري ان نتحدث عن الأحزاب الأخرى المهجوسة بالإستيطان، “اسرائيل بيتنا – البيت اليهودي – هناك مستقبل” وكلها أسماء لها دلالة سيكولوجية صارخة على ان إلتهام فلسطين لن يتوقف، وان المغزى العميق للصهيونية الذي ينكر وجود فلسطين هو الذي يرجّح كفة اليمين، وان ليس في المجتمع الاسرائيلي مساحة شبر لسياسة إسحق رابين المقتول على ذمة “اتفاق اوسلو” والمدفون الى جانبه لأن الكلمة لأحفاد مناحيم بيغن.
سيغرق الكثيرون في تحليلات ممضّة حول تقدم او إنحسار شعبية نتنياهو، وحول صعوبات تشكيل حكومة جديدة ما لم تضم كل الذئآب الى حظيرتها، او ما اذا كان رؤفين ريفلين سيكلّف هرتزوغ خصم نتنياهو تشكيل الحكومة، اذا تمكن مثلاً من إقناع موشي كحلون بالتحالف معه مما يحرم نتنياهو من إمكان تشكيل تحالف يضم ٦١ صوتاً من أصل ١٢٠.
وسيتحدث الكثيرون عن الفصول المقبلة لعملية عضّ الاصابع بين نتنياهو وباراك اوباما الذي سيغادر البيت الأبيض قبل سنتين من نتنباهو اذا شكل الحكومة الاسرائيلية الجديدة، لكن هذا هو الوجه المشرق للغابة الذي يحجب النظر عن الأدغال المتوحشة حيث يتم قضم فلسطين والقدس، وليس بين المحيط والخليج من يتذكر “القضية القومية للأمة العربية”، من ينظّم تظاهرة، من يلقي خطبة، من يقرع طبلاً، من يؤلف نشيداً او قصيدة او يكتب مقالاً !
القضية من الخيانات الى الأكاذيب الى النسيان، وها هي المليارات مثلاً تتدفق على مصر في شرم الشيخ، ومن الضروري والجميل والملحّ ان تتدفق فمصر قلعة العرب، ولكن من يتذكر السلطة الفلسطينية يتيمة العرب العاجزة عن دفع رواتب موظفيها؟
هل كان من الضروري ان يصرّح صديقنا صائب عريقات فيقول ان على المجتمع الدولي الآن ( لاحظ الآن) ان يساند فلسطين كدولة تحت الإحتلال للتوجه الى المحكمة الجنائية الدولية، وأنعم وأكرم بهذا المجتمع وبمحكمته الدولية؟
وهل كان من الضروري ان يتباهى البعض بحصول القائمة العربية على المركز الثالث الذي لن يغيّر شيئاً في مسار التهويد، لكنه أعطى صورة مشرقة عن ان اسرائيل دولة ديموقراطية، ففيها صوت فلسطيني بارز لكن فلسطين تُمحى من الوجود … فعلاً قفا نبكِ.