أكثر ما يثير الاهتمام بمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري في شأن إجراء انتخابات نيابية توصف قانونياً بأنها مبكرة وهي واقعيا “مستأخرة” لكونها تأتي بعد تمديدين للمجلس الحالي هو الخط البياني للاعب أساسي غالبا ما يمثل نقطة ارتكاز في استشراف طبيعة المراحل التي تطل عليها الازمة الداخلية. تتجاوز مبادرة بري ملاقاة مناخ جديد تصيغه الانتخابات البلدية في وقائع مختلفة عن السابق الى إطار يتعلق بالتعامل مع “الأزمة المسيحية” في محنة الفراغ الرئاسي. اذ ان احدا لم يتنبه الى ان الرئيس النبيه قام بخبطته الثانية غداة مبادرة أولى قبل جولات الانتخابات البلدية “تنازل” فيها عن عقد جلسات تشريعية لمصلحة اولوية طرح مشاريع القوانين الانتخابية على اللجان المشتركة. أدرجت الخطوة الاولى في اطار ارضاء القوى المسيحية الرافضة تشريع الضرورة قبل انتخاب رئيس الجمهورية، ثم يمكن ادراج طرح الانتخابات النيابية المبكرة مع التزام القوى النيابية جمعاء انتخاب رئيس للجمهورية فور انجاز الانتخابات ولو على قانون الـ60 في اطار مكمل لتنازل بري الاول. يلاقي بري في الخط البياني لمبادرتيه خطا مماثلا اعتمده حليفه الموضوعي في الملف الرئاسي الرئيس سعد الحريري. بصرف النظر عن مجمل الالتباسات التي احاطت بترشيح الحريري النائب سليمان فرنجية ادرج الترشيح في خط بياني يعتمد استنفاد كل السبل لوضع حد للفراغ الرئاسي كأولوية لا تتقدمها اي اولوية اخرى. التزم الرئيس فؤاد السنيورة هذا الخط ايضا حين علق جواب كتلة المستقبل على مبادرة بري على اولوية الرئاسة قبل الانتخابات النيابية. حتى ان “حزب الله” الممسك بمعادلة لا تتزحزح في دعم ترشيح العماد عون كما بالنظام النسبي ارتضى دعم مبادرة بري ولو على قانون ال60 لان المبادرة تلتقي مع الطرح العوني بإجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية .
مفاد ذلك انه سيتعين على القوى المسيحية ان تضع نصب أعينها عودة تظهير العقدة المسيحية في مطالع حزيران وما يليها بل قبل ذلك مع حلول الخامس والعشرين من أيار موعدا “لمناحة وطنية” على رئاسة شاغرة منذ سنتين. سيقال للمسيحيين ان كل الشركاء استنفدوا ما يصح ولا يصح من أجل إرضائهم وهم عن نكبة الرئاسة لاهون بمعارك النفوذ أو بالعجز عن مبادرة جديدة منتظرة منهم قبل سواهم. ولعلها مفارقة شديدة الغرابة ان يحتفي المسيحيون بأنهم شكلوا النجوم غير المنازع على “تألقهم” في عرض ديموقراطي واسع في الانتخابات البلدية (على رغم كل ما شابها من شوائب) في كل المناطق في حين سيعيد يوم 25 أيار المقبل سكب المياه المثلجة على الرؤوس والمشاعر والمعنويات الهابطة الى ادنى المستويات. ترى عن ماذا تراهم سيجيبون وبغير البكاء على الملك الضائع؟