على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الذي ينعقد اليوم، «طلب من وزارة الإتصالات للموافقة على تقديم خدمة الإنترنت بشكل مؤقت عبر شبكة الاقمار الإصطناعية STARLINK، وقبول هبة من منظمة P FOUNDATION».
هو طلب إرتبط بما أعلن عنه وزير الإتصالات جوني القرم عن خطة رقم 2 (PLAN B) أعدّتها الوزارة لإحتواء تداعيات محتملة على قطاع الإتصالات في حالة تمدد الحرب الدائرة بغزة الى لبنان. ومع أن الموافقة المؤقتة المطلوبة خلال جلسة اليوم لم تقرن بهذه الخطة، كما يتبيّن من خلال نص البند رقم 3 الذي وضع على جدول أعمال الحكومة، فقد ذُكر أنّ للطلب إرتباطاً بـ150 جهازاً لتأمين الخدمة، أمنتها منظمة P FOUNDATION لمدة ثلاثة أشهر، تحاول الوزارة أن تجعل منها مدخلاً للإستحصال على ترخيص بإستخدام هذه التقنية، وإدخالها كشريك في تشغيل خدمة الإنترنت. وذلك في ظل غياب أو تعطيل للقوانين التي تنظم إصدار التراخيص والإشراف على حسن تنفيذها ومراقبتها وتعديلها وفرض التقيّد بها، ولا سيما القانون 431 الصادر في 22 تموز سنة 2002 الذي يحصر هذه المهمة بالهيئة الناظمة للإتصالات.
فماذا في خلفيات حصر الـ PLAN B من خطة الطوارئ بشركة ستارلينك؟ وكيف يمكن للترخيص لهذا النظام أن يكون مجدياً في حال تدهورت الأمور العسكرية؟
بداية لا بد من التوقف عند تقنية خدمة الإنترنت عبر نظام «ستارلينك» للأقمار الإصطناعية، وهي خدمة أنشأتها شركة «سبيس X» التابعة لإيلون ماسك ومركزها في الولايات المتحدة، وصممت لتوفير الوصول إلى الإنترنت في المناطق المحرومة التي لا يتوفر لها نظام خدمة الإنترنت التقليدي. خلال حرب غزة الدائرة حالياً، أعلن ماسك، أن هذه الخدمة ستؤمّن الاتصالات لـ»منظمات الإغاثة المعترف بها دولياً». ومع أنه عاد واشترط تفعيل كل خط بموافقة السلطات الأميركية والإسرائيلية، إلا أنّ ذلك ثبّت دخول منطقة الشرق الأوسط في قائمة البلدان التي تغطيها هذه الخدمة.
أقمار الشركة فوق رؤوسنا
بعد رصد أقمار ستارلينك في سماء لبنان عدة مرات خلال العام الجاري، كشف وزير الإتصالات جوني القرم خلال جلسة للجان النيابية، أنّ طرح الإستفادة من هذا النظام في لبنان ليس حديثاً. بل إنّ التفاوض حول إستحصال لبنان على هذه الخدمة بدأ منذ نحو عام تقريباً، حيث تمكنت الوزارة من الإستحصال على الموافقات الأمنية المطلوبة لها.
وفيما قادت المفاوضات لحصول لبنان على عينات من تجهيزات هذا النظام، تحاول الوزارة الإستحصال على ترخيص لتشغيلها. وقد تم الكشف أيضاً أنّ الوزارة ماضية في مفاوضاتها مع الشركة الأم للتوصل الى عقود طويلة الأمد، وهذا ما خلق شكوكاً حول كون عملية إدراج طلب الحصول على موافقة مجلس الوزراء على إستخدام هذه التقنية، في أن تكون محصورة فقط بتأمين الحاجات في حال تدهور الأمور الأمنية في لبنان.
فمع أنّ الوزارة تحدثت في طلبها عن موافقة مطلوبة لتقديم خدمة الإنترنت بشكل «مؤقت» عبر هذا النظام، تتخوف مصادر خبيرة من أن يكون الترخيص محاولة للإستفادة من حالة الطوارئ لفرض أمر واقع مخالف للقوانين، يدخل «ستارلينك» كشريك مضارب للدولة اللبنانية في تقديم خدمة الإنترنت. وتحذر بالتالي من خطة قد تحول وزارة الإتصالات وكيل مبيعات لدى «ستارلينك».
ويعود المصدر الخبير الى السؤال الذي توجه به النائب ياسين ياسين الى الحكومة ووزير الإتصالات حول هذا الموضوع. وقد تضمن تصوراً لخطة الطوارئ في حال حصول خلل بالاتصالات. وبالتالي على خطة الطوارئ أن تأخذ بالاعتبار جميع الأنظمة والتقنيات المتاحة السلكية واللاسلكية الأرضية والفضائية.
إنطلاقاً من هنا، يرى المصدر أنه «عندما تقول الدولة إنّ «ستارلينك» هي خطة الطوارئ، فهذا يعني أنّه يجب أن يكون هناك نظام إتصالات أمنته وزارة الاتصالات عن طريق الشركة، فيما الوقائع تظهر أنّ الخطة هي عبارة عن 150 جهازاً، وبالتالي لن تكون هذه الخدمة متاحة لعموم الناس. كما أنّ تجربة الشركة في غزة تكشف بأن هذه التقنية لن تكون متاحة للمناطق التي صنفت حمراء من ضمن خطة الطوارئ العامة التي وضعتها الحكومة للبلاد. وهذا ما يوقعنا بنقص في تكافؤ الفرص بين الناس في نظام ينشأ كخطة طوارئ».
ولذلك يكرر المصدر الأسئلة التي طرحها النائب ياسين في سؤاله الى وزارة الإتصالات والحكومة، لا سيما حول الأسباب التي جعلت الوزارة تحصر الخطة البديلة بشركة «ستارلينك» التي يمكن أن تتحكم بفعالية الخطة وتوقيفها وفقاً لأهواء مالكها كما حصل في اوكرانيا؟ ومن دون أن تلجأ إلى عدة خيارات. ولماذا لم تلحظ الخطة إعتماد شبكات «ساتلية» أخرى لتنويع مصادر خطوط الإتصال؟ وماذا بعد انتهاء مهلة الثلاثة أشهر المحددة في الخطة؟ هل سيتم تحويل هذه الخدمة إلى مشغل آخر؟ وما هي المعايير والقواعد التنظيمية التي سيتم إعتمادها عند اصدار التراخيص؟ ومن سيتولى مراقبة وضبط عمل هذه الأنظمة في السماح بإنتشار هذه الأجهزة على الأراضي اللبنانية لضمان مواءمتها معايير الأمان وعدم الإختراق.
كما لفت ياسين في سؤاله إلى أنه إذا كان موضوع «ستارلينك» محصوراً فقط بالـ150 جهازاً، فهي في حالات الطوارئ لا تحتاج إلى ترخيص، على غرار هواتف الثريا، ليخلص إلى إستنتاج بأن طلب الترخيص لـ»ستارلينك» هو لما بعد فترة الثلاثة أشهر.