يا ماما، إذا إسمه «رقص صالونات» فهذا لا يعني أنه من الضروري أن نرقص في صالون البيت، ولستِ مضطرة أبداً إلى تغيير الديكور وزحزحة الصوفات، نحن بالكاد نتّسع جالسين في هذه المساحة، فبالله عليك كيف سنرقص هنا؟
منذ أن انطلق الموسم الجديد من رقص النجوم، وبدأنا نحسّ أنّ شيئاً تغيّر في والدتي وفي صاحباتها، صبحيتهنّ تغيّرت وأحاديثهنّ أيضاً، واتفقن جميعهنّ على إيجاد ما تيسّر من بلاطات فارغة في منازلهنّ لإجبار أولادهنّ وأزواجهنّ على الرقص عليها.
اللت والعجن وأحاديث تقصقص اللوبية، تحوّلت إلى استشارات يومية فيها ما يكفي من النيكوتين والكافيين لقلب نظام وليس فقط لإقناع الزوج والأولاد بالرقص.
شو عدا ما بدا، فهذا الموسم الرابع من البرنامج، ولم نشهد في أي موسم سابق هذه التحوّلات الجذرية في سلوك المامات والطانطات… لكن يبدو، حسب ما فهمنا من طرطشات أحد الأحاديث، أنّ الوالدة سعيدة للغاية بوجود بعض الوجوه المميزة في البرنامج هذا العام، مثل بديع أبو شقرا ومادونا ورفيق علي أحمد ورضى عنتر وسواهم. وقد سمعتها تقول لأم بهيج جارتها: «خيّ، بدل ما تكون الشاشات مليانة شراطيط الفنّ وشراحيط السياسة ويلّي بطبّلولن، صاروا ولادنا فِيُن يشوفوا المشهورين بصورتن الطبيعية».
ولا يضاهي قرف والدتي وجاراتها من أخبار النساء المعنّفات والمضرّجات بفحولة أزواجهنّ على الشاشة، سوى إعجابهنّ بصورة الرجل الشرقي في بديع أبو شقرا، وعلى هذا الفارق يبنين آمالاً في أن يتشرّب أولادهنّ الشباب هذه الصورة الطبيعية ويمارسونها على شريكات حياتهم.
لم يعد لديّ شكّ أن أمّي متحمّسة ومستعدّة أن تخرب ديكور البيت وروتين عائلتها فقط من أجل أن يتعلّم إبنها وزوجها كيف يبذلان نفسيهما من أجل الصورة الانثوية في حياتهما، بحجّة إنو بديع أبو شقرا يرقص من أجل ابنته ورفيق علي أحمد يغنّج شريكته في الرقص كابن عشرين…
وأكثر من ذلك، عودة مادونا إلى الشاشة من خلال برنامج «رقص النجوم» أعاد شحن طاقة فنانة نسي أمرها الإعلام، وقدّم جرعة حياة إلى جمهور مطمور بجيَف المتفنّنات المسترخصات حتى بأخلاقهنّ… ولهذا السبب طلبت أمي من أبي أن يجلب التلفزيون المطمور بالغبرة من القبو، ليضعه في غرفة أخواتي حتى يتابعن مادونا وفاليري أبو شقرا وكل النجوم يرقصون… وعندما اعترض والدي بحجّة أنها بقرارها تكسر وعده بعدم وضع تلفزيون في غرفة النوم، قالت له: «بكرا بسّ يخلص دانسينغ رجاع عمول رجّال! هلق فيك تحضر رفيق علي أحمد وتتعلّم منّو النشاط قبل ما تصدّي، أو تتعلّم تغنّج بناتك متل بديع».
أنا أعرف نسوان الحي غير متخصصات في النقد الإعلامي والفنّي، ولكنّ تفاعلهنّ الملفت أمام شاشة MTV لمتابعة «رقص النجوم» دليل على أنّ شيئاً مختلفاً تسرّب إلى أمسيات اللبناني، وبدأ يدغدغ قناعاته الشرقية ليبرهن أنه ليس بالضرورة أن يكون الرجل عنيفاً وفاسداً ومتسلّطاً حتى يثبت رجوليته، بل بالرقص أيضاً يمكن أن يكون فحلاً… والفنانات لا يُقيَّمن بمقاسات صدورهنّ ومؤخراتهنّ، بل بمدى براعتهنّ في الاستعراض.
تشهد نساوين حيّنا أنّ خلطة «رقص النجوم» لهذا العام ملفتة بحكّامها وضيوفها ومخرجها وجنودها المجهولين، ولا ينقصها ربما سوى بضع دورات خفّة دمّ واسترخاء لكارلا حداد ووسام بريدي، فهما على رغم مهنيتهما اللافتة وجهودهما الجبّارة، يبدوان كما شرحت أم طوني: «وسام مِتل يَلّي رايح عالبحر بكبّوت صوف، وكارلا متل لوح الصابون»، وهما أكثر اثنين بحاجة للرقص المتواصل حتى يخفّ تشنّجهما الترفيهي.
من جهتهنّ، نساوين حيّنا مستمرّات في تغيير ديكور منازلهنّ، ودروس الرقص قادمة لا محالة على يد الوالدة… وكلّ ما على الجميع فعله الآن هو متابعة أحداث البرنامج عن كثب لأنّ الفائز لن يكون راقصاً على المسرح فقط، بل على صَواني النساوين.