النجاحُ ليس موضةً تكون رائجة عندما تلتفت اليها عدسات الكاميرات، والإنجازاتُ ليست لحظاتٍ تلفزيونية نتذكّرها في جردة العام أثناء حلقة رأس السنة، وعرقُ جبين المبدعين لا يَسقي معركة انتخابات طلّابية ولا يرطّب عجنة تيار سياسي…
ولحظةُ فوز المخترع اللبناني فؤاد مقصود بالمركز الأول في برنامج «نجوم العلوم»، التي لم تدم أكثر من قصة على «انستاغرام» بالنسبة لغالبية الشعب اللبناني، ومع كل ما حملته من مشاعر وطنيّة وافتخار، كانت بحدّ ذاتها ضوءاً مسلّطاً على فضيحة التقصير مع المواهب اللبنانية.
فهل يمكنكم أن تتخايلوا في لحظة الإعلان عن هذا الفوز الذي دغدغ مشاعرَنا الوطنية، كم من فؤاد مقصود مغبون كان يجلس أمام شاشة التلفزيون يحاول أن يلتقط دمعتَه قبل أن تقع بين كفّيه المصفّقتين، أو عدد المواهب والمخترعين والمبدعين الذين ملّ قماش الكنبات من بيجاماتهم البالية، وتعبت أبواب البرّادات من سواعدهم العاطلة عن العمل.
كم من فؤاد مقصود فقَد شعلة إبداعه في أتون الأحزاب والتيارات السياسية التي تحرق طلّاب الجامعات وقوداً لخطاباتها الفئوية، وكم من فؤاد مقصود ابتكر واخترع وأبدع ولم يحصل إلّا على كمشةِ لايكات أو في أبعد حدّ شهادة تقدير من زعيم يحاول اصطيادَ صوته في الصندوقة.
للأسف، أصبح لبنان الإنجازاتُ فيه هي التحالفات، والإبداعاتُ فيه قوانين انتخابات، والاختراعاتُ خطابات سياسية وطائفية تزيد حجمَ التكتلات، والنجاحاتُ فيه تُقاس بسرعة الخبر العاجل وحصريّة التصريحات…
وفؤاد مقصود الذي لم يحصل على فرصة المشارَكة في برنامجٍ عربي أو أجنبي، أو لم يحالفه الحظّ للالتحاق في جامعة أوروبية، أو جاءه الرفض على طلب الهجرة… هذا الفؤاد يجلس عارياً تحت بروجيكتور فضايح دولة لا تصرِف على مبدعيها
أكثر من سعر أوسمة ونياشين، وأحزاب تلتهم شبابَها بدل أن تُطلق سراح إبداعهم.
فوزُ فؤاد مقصود بلقب «نجوم العلوم» وتفوّقُه على جميع العرب رايةُ فخر وانتصار، وهزيمةُ آلاف الفؤادات في فضائح الإهمال الوطني الجامع لكل الأطياف والأديان رايةُ انكسار.