بدء الحوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» بانتظار التفاهم على المكان وأسماء المتحاورين والجهة الضامنة للتنفيذ
التحضيرات تسير بروية وتأنٍ لتفادي الثغرات ولتوفير مقومات النجاح للعملية
مشاورات واتصالات «تيار المستقبل» و«حزب الله» مع حلفائهما وتحديداً المسيحيين للتأكيد بعدم وجود أي نيّة مسبقة لإقامة تحالفات أو تفاهمات ثنائية أو ثلاثية أو رباعية على حساب الآخرين
يبدو أن وتيرة التحضيرات الجارية لتحديد موعد الجلسة الأولى من الحوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» لن تكون بالسرعة القياسية التي تتحدث عنها شخصيات وسياسيين من تحالف قوى الثامن من آذار، أو ما تروّج له بعض وسائل الإعلام على اختلافها، بل تسير بوتيرة بطيئة وبروية وتأنٍ لكي تكون متقنة ومكتملة وجيدة التحضير وخالية من الثغرات الى أقصى حدٍّ ممكن، ليسير الحوار المرتقب في الطريق المرسوم له بانتظام ويحقق النتائج المرجوة منه لمصلحة الجميع دون استثناء ولصالح الوطن كله على وجه العموم،
وتشمل التحضيرات المطلوبة للحوار التفاهم على الأمور الأساسية التي يرتكز عليها وأولها تحديد مكان جلسات الحوار، وثانياً تسمية أعضاء وفدي الطرفين المشاركين، وثالثاً تحديد المواضيع المطروحة على جدول الأعمال، ورابعاً تسمية الجهة أو الطرف الضامن لتطبيق ما يتم الاتفاق عليه، وأخيراً وضع آلية التنفيذ والمدة الزمنية المطلوبة لذلك.
فهذه الأمور ليست سهلة على الإطلاق كما يصورها البعض وكلها مرتبطة ببعضها البعض وتشكل بمثابة حلقة مترابطة ومن خلالها تنطلق مسيرة الحوار بالكامل، وأي تجاوز أو إهمال أمر منها قد يؤثر سلباً على مجمل المسيرة ويصيبها بخلل ويعرّضها للعرقلة أو للفشل الكامل، الأمر الذي يحرص كلا الطرفين على تجنبه وعدم حصوله لتفادي مؤثراته السلبية وضرره البالغ على الجميع من دون استثناء.
ويلاحظ انه وبرغم بعض التسريبات التي توحي وكأن الحوار سينطلق بعد أيام معدودة، لا توجد أي مؤشرات أو دلائل قوية وملموسة حتى الساعة تؤكد هذا المنحى أو تدل على إنجاز التفاهم المطلوب بين الطرفين المعنيين على الأمور الأساسية التي تنظم إطلاق عملية الحوار بالكامل، بل تؤشر بوضوح إلى استمرار التشاور ونقل وجهات نظر الطرفين بوتيرة بطيئة نسبياً واقل مما ينشر ويروج له، لأنه حسب متابعين لهذه التحضيرات ليس من السهل على الإطلاق التفاهم والاتفاق على كل هذه الامور الأساسية في غضون أيام معدودة وبسرعة قياسية نظراً إلى حجم التباينات القائمة والهوة التي تفصل بين الطرفين وضرورة التقريب بينهما وإعادة احياء الحد الأدنى من الثقة المفقودة لبناء الأرضية الملائمة لاطلاق عملية الحوار علىاسس سليمة وثابتة.
وما تمّ الاتفاق عليه حتى الساعة بحسب هؤلاء المتابعين هو معاودة الحوار بين الطرفين وهذا الأمر استغرق أشهراً معدودة وليس اياماً قليلة، ويضاف إلى ذلك موضوعين في جدول الاعمال، الأوّل معالجة مشكلة الاحتقان السنّي الشيعي ومنع تمدد الفتنة التي تعم بعض دول المنطقة للبنان والثاني الخروج من المأزق السياسي القائم في البلد حالياً، بفعل التعطيل المتعمد لانتخاب رئيس الجمهورية من قبل الحزب على وجه الخصوص، اما باقي المواضيع المطلوب ادراجها على الجدول لم يتم حسمها وما زالت موضع أخذ ورد ونقاش، وهذا الأمر ينطبق على باقي الأمور الأخرى، لا سيما تحديد المكان والجهة الضامنة للتنفيذ وأسماء الوفدين المشاركين وآلية التنفيذ ومدتها الزمنية وهذه أمور مهمة وضرورية لأنه لا يمكن المجازفة بتكرار تجارب جلسات الحوار السابقة من دون الاتفاق على ضمانة التنفيذ، لأن ضرر عدم التنفيذ سيكون كبيراً ولا يمكن التكهن بنتائجه وتداعياته السلبية على البلد كلّه إذا تكررت على النحو السابق وهو ما يعمل فريق «تيار المستقبل» على تجنبه والتحوط له من خلال وضع الضوابط المطلوبة به قبل بدء الحوار المرتقب مع «حزب الله» لضمان تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
ويستبعد هؤلاء المتابعون للتحضيرات الجارية تحديد موعد جلسة الحوار الأولى فيما تبقى من الشهر الحالي في ظل الوتيرة البطيئة لحركة المشاورات الجارية بين الطرفين، وإنما قد يتطلب الأمر بضع أسابيع إضافية لإنجاز التحضيرات المطلوبة وقد يكون ذلك ممكناً في الشهر المقبل إذا سارت الأمور على النحو الجاري حالياً ولم تدخل عوامل خارجة عن الحسبان، محلياً أو إقليمياً في إضفاء جو من التعقيد على الجهود المبذولة لبدء عملية الحوار بين الطرفين وإن كان حدوث ذلك أمراً مستبعداً في الوقت الحاضر، استناداً الى نوايا وتصرفات القائمين على التحضيرات الجارية لعملية الحوار ككل، ولأن تداعيات حروب المنطقة العربية تفرض على الجميع الانخراط بهذا الحوار اليوم قبل الغد.
وطول الوقت للتحضير لعملية الحوار لا يقتصر على الأمور المذكورة، بل إن مشاورات واتصالات «تيار المستقبل» و«حزب الله» مع حلفائهما وتحديداً المسيحيين منهم، تتطلب وقتاً اضافياً لشرح ابعاد وأهداف عملية الحوار المرتجى التي ستجري بين الطرفين بمعزل عن باقي الأطراف الأخرى، للتأكيد والتشديد في آن معاً، بعدم وجود اي نية مسبقة لإقامة تحالفات او تفاهمات ثنائية أو ثلاثية او رباعية على حساب الاخرين أو أن يتم الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية بمعزل عن التفاهم معهم بل إن مقتضيات الحوار المتوقع هدفها الاساس تنفيس الاحتقان الحاصل ومنع انتقال الفتنة المذهبية التي تعمّ بعض دول المنطقة، في حين تبقى التفاهمات السياسية للمرحلة المقبلة محكومة بالتفاهم مع جميع الحلفاء للطرفين معاً لضمان نجاح تنفيذها.