Site icon IMLebanon

انطلاق عملية تغيير نظام الأسد

من حقيبة النهار الديبلوماسية

“أطلقت اجتماعات فيينا التي شاركت فيها كل الدول المعنية بالازمة السورية وعددها 17 دولة عملية دولية – اقليمية واسعة من أجل تغيير نظام الرئيس بشار الأسد وقيام نظام جديد تعددي. وقد حدد البيان الختامي الرسمي الصادر عن الاجتماعات اسس هذا التغيير الكبير وأظهر، للمرة الاولى، ان إيران وروسيا الحليفتين الرئيسيتين لنظام الأسد قدمتا تنازلات مهمة إذ أنهما وافقتا على ثلاثة أمور أساسية تؤدي الى قيام نظام جديد وهي الآتية:

أولا: وافقت إيران للمرة الأولى مع الدول الأخرى على أن العملية السياسية التفاوضية التي ستنهي الأزمة ترتكز على بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 بعدما كانت رفضت سابقاً بالتفاهم مع النظام السوري قبول هذا البيان لأنه يدعو إلى الانتقال الى نظام جديد مما يؤدي الى إنهاء حكم الأسد.

ثانياً: وافقت إيران مع الدول الأخرى على ضرورة تقاسم السلطة في المرحلة الانتقالية بين ممثلي المعارضة والنظام السوري إذ ان بيان فيينا دعا الأمم المتحدة إلى إطلاق مفاوضات “بين ممثلين للحكومة السورية والمعارضة من أجل بدء عملية سياسية تقود إلى تشكيل حكومة جديدة ذات صدقية وشاملة وغير طائفية ويعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء الانتخابات”.

ثالثاً: وافقت ايران مع الدول الاخرى على ان تجري الانتخابات في اشراف الامم المتحدة وليس تحت اشراف نظام الاسد “وبالتفاهم مع الحكومة الجديدة وعلى أساس التزام أعلى المعايير الدولية للشفافية والمحاسبة وان تكون حرة ونزيهة ويحق لجميع السوريين وضمنهم المهاجرون المشاركة فيها”. وهذه هي المرة الاولى التي تقبل فيها روسيا وإيران بهذه الشروط”.

هذا ما قاله لنا مسؤول اوروبي في باريس شارك في هذه الاجتماعات. وأوضح “ان الدول المجتمعة في ڤيينا لم تتفق على مصير الاسد، لكن اجتماعاتها المتواصلة المقبلة يمكنها ان تؤدي الى التوافق بينها على صيغة مشتركة تنهي هذه العقدة وتساعد على تنفيذ عملية تغيير النظام استناداً الى بيان ڤيينا وبيان جنيف”. وذكر المسؤول ان العملية التفاوضية التي انطلقت من ڤيينا أظهرت الامور الاساسية الآتية:

اولاً، ان الاسد ليس صاحب القرار الاساسي وهو فقد القدرة على تحديد مستقبل سوريا وتقرير مصير نظامه بعدما فجّر حرباً الحقت الكوارث ببلده وخسر المواجهة مع شعبه المحتج وبعد التدخل العسكري الروسي والايراني الواسع في البلد والتفاهمات المحددة بين حلفائه وأعدائه في ڤيينا.

ثانياً، أن الروس والايرانيين اثبتوا انهم يدركون تماماً انهم عاجزون وحدهم عن تقرير مصير سوريا ومسار الصراع فيها، وعلى هذا الاساس انخرطوا في عملية تفاوضية مع الدول المؤثرة الاخرى من أجل التفاهم معاً على حل الازمة وانقاذ سوريا والسوريين من الجحيم.

ثالثاً، ان ايران تشارك للمرة الاولى في عملية تفاوضية دولية – اقليمية تضم مجموعة كبيرة من الدول المعادية للأسد وتتركز تحديداً على مناقشة طريقة نقل السلطة الى نظام جديد تعددي يحقق التطلعات والمطالب المشروعة لجميع السوريين. وهذا الواقع يفتح الباب أمام احتمالات وخيارات غير واردة الآن علناً كما حصل في عملية التفاوض بين القيادة الايرانية ومجموعة الدول الست حول النزاع النووي التي أدت الى اتفاق مشترك تضمن تنازلات ايرانية جوهرية عدة.

رابعاً، ظهر في الاجتماعات ان المجموعة القيادية الرئيسية في هذه العملية هي الرباعية التي تضم اميركا وروسيا والسعودية وتركيا وايران ليست عضواً فيها، والمجموعة الرباعية تضم ثلاث دول معادية لنظام الأسد ودولة حليفة له هي روسيا. واستبعاد ايران عن هذه المجموعة يفتح الباب أمام مساومات سرية بين اعضائها لن تكون في نهاية الامر لمصلحة الأسد، خصوصاً ان حسابات روسيا واهدافها في سوريا والمنطقة ليست متطابقة مع حسابات الايرانيين واهدافهم.

واستناداً الى المسؤول الاوروبي فقد شدد المسؤولون الاميركيون وحلفاؤهم في اتصالاتهم مع الروس على ان عملية انتقال السلطة الى نظام جديد المتفق عليها في فيينا تتطلب، لكي تنجح وتحقق تسوية الازمة، ضمان رحيل الأسد عن الحكم في موعد متفق عليه وتقاسم السلطة جدياً بين ممثلي النظام والمعارضة في الحكومة الانتقالية التي يجب أن تملك السلطات التنفيذية الكاملة استناداً الى بيان جنيف. كما ان المعارضين المشاركين في هذه الحكومة الانتقالية يجب أن ينتموا الى المعارضة السورية الحقيقية المعترف بها دولياً واقليمياً وليس الى “المعارضة الزائفة” المرتبطة بالأسد لأن حصول ذلك ينسف العملية السياسية من أساسها”.