IMLebanon

دولته وعقدة الدولة!

في العام ١٩٨٩، وبعد إقرار الطائف، لبّى الرئيس نبيه بري دعوة رسمية الى أوستراليا.

يومئذ، كلّف رئيس البرلمان النائب فايز غصن، بإلقاء كلمة باسمه في الحفل المقام على شرفه.

وعندما حان وقت الكلام، طلب مغترب لبناني كلمة من أحد أعضاء الوفد، فأفسح رئيس البرلمان بالدور الى العضو، مع ترحيب وتزكية من نائب الكورة أيضاً.

وطلع صاحب الكلمة عوني الاتجاه والتوجه السياسي، ودولته بادر فوراً الى اعتبار كلامه باسمه وباسم الوفد النيابي المرافق له.

وفي اليوم الثاني اختفى الخطيب العوني عن الأنظار، وراح الرئيس بري يفتّش عنه ولا يجده.

يومئذ، قيل ل دولته ان اختفاء الخطيب عن الأنظار، يعود الى مرافقيه، أسمعوه عتباً شديداً، لأنه لم يأت به من بيروت الى كامبرا وسيدني وميلبورن ليتكلم ضده.

وقيل له أيضاً ان النواب في المجلس النيابي الفيدرالي، أشادوا به، وان البلد الصغير الخارج من حرب أهلية استمرت سبعة عشر عاماً، حضر رئيسه الى أقاصي العالم، رجلاً يحمل أفكار عون، لا أفكار الرئيس الياس الهراوي.

وعندما اهتدى اليه الرئيس بري بادره بأنه جعله كبيراً، عندما تكلم وكأنه آتٍ من واحة ديمقراطية الى نهاية الدنيا، بأفكار لبنانية.

اللعبة السياسية تكررت أمس، في جلسة الحوار، وقد تستمر في الجلسات النيابية المقبلة.

ودولته خرج أمس، وبعد قرابة نصف قرن على المألوف، وطرح أمام السادة النواب، احتمالات عديدة أبرزها إمكان انتخاب مجلس نيابي، قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

طبعاً، كانت الأمور صعبة، لأن دولته من روّاد النسبية، وكثير من نواب البرلمان، من روّاد انتخاب رئيس للجمهورية قبل الانتخابات النيابية.

ودولته ليس بعيداً عن هذا التوجه، اذا لم يكن أصلاً صاحبه.

كما ان رئيس أكبر كتلة نيابية، يعود من فرنسا، بعد اجتماع حار مع الرئيس هولاند، لأن فرنسا، تشاركه وتشارك العديد من النواب، بأن لا دولة من دون رأس، ولا سلطة اذا لم تتفق على اختيار رئيس للبلاد أولاً…

ولهذا، فقد أظهر رئيس البرلمان ديمقراطيته عندما ترك الموضوع الحرج، في يد النواب، خلال الفترة المقبلة.

طبعاً، يأتي اقتراح الرئيس بري، قريباً من أفكار خصمه السياسي اللدود العماد ميشال عون، لكنه أيضاً ليس بعيداً، من أفكار كتلة التغيير والاصلاح.

هل اقتراح الرئيس نبيه بري مجرد لعبة سياسية، تمهيداً للوصول الى حلّ يقوم على اعادة اعتماد تنفيذ قانون العام ١٩٦٠؟

ربما.

إلاّ أن الناس ضاقوا ذرعاً، بقانون الستين الذي أنتج في مؤتمر الدوحة انتخاب العماد ميشال سليمان.

ولعل أكبر صفقة للنواب الحاليين، العودة الى قانون الستين وهو أسوأ ما عرفه النواب في تاريخهم السياسي.

سؤال أساسي: لماذا جرى التمديد مرتين للمجلس الحالي، وليس فيه حسنة واحدة من حسنات القوانين السابقة.

هل لبنان أمام مأساة دولة والدولة تبحث عن حلّ ل عقدة الدولة!؟