الخرائط التي يتداولها باحثون أميركيون وغير أميركيين لطموحات “دولة الخلافة” تنذر بإشعال حروب كثيرة. ليست “الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش” إلا إمارة – نواة لمشروع توسعي كبير لا نظير له منذ ما قبل الحرب العالمية الأولى. يسعى إسلاميو الألفية الثالثة الى استعادة أرض دولة مترامية الأطراف نشأت نتيجة الفتوحات الإسلامية في النصف الثاني من الألفية الأولى.
تتماثل الى حد بعيد مع النازية والفاشية عقيدة التنظيمات الإسلامية التي تعتنق مذهب الإرهاب الخاص بـ”القاعدة”. يؤمن أتباعها بالفرادة والصفاء والقوة… وبالحل النهائي لمشاكل العالم.
يقدم هذا التقديم تصوراً أوضح لنقاش جار في الغرب حول التسمية التي ينبغي اعتمادها للتنظيم الإسلامي الذي يسيطر حالياً على مساحات شاسعة من العراق وسوريا وعلى بعض البؤر في لبنان. ينطلق هذا النقاش ليس فقط من اسم يريده هذا التنظيم لنفسه، بل أيضاً من طموحاته المعلنة في شأن الأرض التي يسعى الى السيطرة عليها. أثبت أنه عابر للحدود التي رسمت تفاهمات سايكس – بيكو قبل قرن وتكرست بموجب مؤتمر سان ريمو لعام ١٩٢٠. حطم في أيام قليلة حدوداً عجزت عنها القوميات البائدة، ومنها حزب البعث في العراق وسوريا، طوال عقود على رغم البطش والإستعباد.
طبقاً لخرائط أعدها معهد دراسات الحرب وغيره من مراكز الدراسات في الولايات المتحدة في شأن طموحات “الخلافة الإسلامية”، تبدو “الدولة الإسلامية في العراق والشام” مجرد إمارة عاصمتها الأولى الرقّة، وربما الثانية بغداد. لذلك يطمع الإسلاميون بخلافة تمتد عبر المشرق العربي لتصل الى بلاد العجم. يمكن الإمارات الأخرى أن تشمل شمالاً كردستان وبلاد القوقاز، وجنوباً الحجاز واليمن، وغرباً أرض الكنانة والحبشة امتداداً الى المغرب والأندلس وبعض أوروبا، وشرقاً خراسان.
ليست هذه الخرائط المستعادة من بدايات القرن الماضي سوى تعبير آخر عن قدرة الإسلاميين على تدمير حدود الدول الحديثة في المشرق، لا في العراق والشام فحسب.
بصرف النظر عن الجدل الذي يتعلق بالاسم، يصير مشروعاً الخوف المتزايد على لبنان من عشرات الخلايا الإرهابية النائمة. ترى ايران نفسها في حلبة غير تلك التي شاءتها لمصالحها الحيوية. على رغم السيطرة الآنية للحوثيين الموالين للجمهورية الإسلامية والساعين الى استعادة الإمامة الزيدية في اليمن، ينذر بامتداد الصراع مع المكونات السنيّة في اليمن ومحيطه الى الذروة. ليست ايران بمعزل عن هذه الحرب التي تحتدم في جوارها. لديها مكونان خطران: عرب وأكراد وخليط من السنّة.
تضرب تركيا أخماساً لأسداس في طريقة التعامل مع الوقائع الجديدة التي يخطها المجاهدون على حدودها مع كل من العراق وسوريا. كوباني (عين العرب) عقب أخيل فحسب.
طموحات الخلافة أوسع من حدود الدول.