ما حدا أحسن من حدا… والتمديد لم يعد يطال البشر بل وصل إلى الحجر أي إلى المادة.
هذا هو الإنطباع الأول الذي خرج به جميع المراقبين مع الإعلان عن أنَّ المفاوضات الشاقة بين مؤسسة كهرباء لبنان وشركات تقديم الخدمات قد أفضت إلى التمديد لهذه الشركات أربعة أشهر، أي إلى آخر هذه السنة.
ماذا يعني هذا التمديد؟
الإجابة على جانب كبير من الخطورة، لأنها لا تطال التمديد للكهرباء فحسب، بل إتكالية الدولة في كل شيء، فبات التمديد لكل شيء هو التجسيد الفج لهذه الإتكالية:
إهمال وتلكؤ في تحديث قطاع توليد الكهرباء، فتكون النتيجة التمديد لباخرتي التوليد وبدء التحضير لاستيراد باخرة ثالثة.
إهمال وتلكؤ في إدارة قطاع الكهرباء ككل، فتكون النتيجة التمديد للشركات الثلاث، مقدِّمي الكهرباء، لتتولى الجباية والصيانة وتركيب العدادات.
والخطورة في ذلك تتمثّل في أنَّ أسعار مقدمي الخدمات هي أعلى مما هي عليه لو أن المؤسسة هي التي تدير القطاع. كما أنَّ أسعار البواخر هي أعلى من أسعار معامل التوليد اللبنانية، أي ان المكلف اللبناني يُضطر إلى الدفع أكثر.
ولا يتوقف الأمر هنا بل إنَّ مقدمي الخدمات يطالبون بتجديد العقود لثلاث سنوات، غير الشهور الأربعة، أي ان العقود حتى نهاية العام 2020، مع الأسعار المرتفعة. كما أنَّ بواخر التوليد لن تغادر الشواطئ اللبنانية في المدى المنظور لأن معامل التوليد اللبنانية غير قادرة على تأمين حاجة البلد، خصوصاً مع وجود نحو مليونَي مستهلِك جديد، هم النازحون السوريون.
***
هكذا الدولة تُلزّم الخدمات لشركات خاصة، فما الحاجة إلى بعض إدارات الدولة في هذه الحال؟
فلتوليد الكهرباء يُستعاض عن المعامل بالبواخر.
ولإدارة القطاع يُستعاض عن المؤسسة بشركات تقديم الخدمات.
ولجمع النفايات يُستعاض عن البلديات بالشركات الخاصة.
ولتقديم الإنترنت يُستعاض عن الوزارة بالشركات الخاصة.
إذاً ماذا تفعل إدارات الدولة؟
وما هي جدوى بقائها؟
***
حتى التمديد لشركات مقدمي الخدمات في الكهرباء، مرَّ في ظل عيوب كثيرة وكبيرة:
فهل قفز فوق الغرامات المتوجِّبة على الشركات بسبب تقصيرها؟
ماذا عن تركيب العدادات الذكية؟
ولماذا لم يتم حتى الآن؟
هل من قطبة لا بل قطب مخفية تحول دون تركيب العدادات الذكية؟
هل الموضوع يتعلَّق بترك حبل التعليق على غاربه؟
هل لأن العدادات الذكية تكشف التعليق والمُعلِّقين؟
***
شركات تقديم الخدمات لديها ما تقوله، دفاعاً عن أدائها.
مؤسسة كهرباء لبنان لديها ما تقوله، دفاعاً عن موقفها؟
فماذا عن وزارة الطاقة، التي هي وزارة الوصاية؟
ماذا عن وزارة المال التي هي وزارة التمويل؟
لا أحد يملك الجواب، والبلد في قلب المعمعة.