كأنه لسان حال البلد ينطق: أعطوني المزيد من الثقة، وخذوا الكثير من الأمان، في محيط واقع على خط الزلازل والمفاجآت الأمنية، ومحاصر بالفوالق والارتدادات. ومع ذلك فإنّ عين الله ترعاه، وستبقى عيون أبنائه يقظة طالما أن الإرادة متوافرة في الاتحاد أكثر منها في الشرذمة، وفي مداواة الجراح أكثر من نكئها، وفي تجرّع خيارات أقل مرارة مقارنة بدول عظمى اختبرت الأسوأ والأمر.. وعلى الحال «البلد ماشي»، وبوتيرة أكثر انضباطاً منذ اتخذ القرار السياسي بضرورة التكاتف والتماسك، وإلا على الأرزة السلام.
وإذا كان من ثغرات، ووقت لازم لأعمال الترميم، وفسحات لإصلاح ما أفسدته السياسة وما أفسده الدهر، فإن القليل الذي مضى من العهد الجديد، ليس ضئيلاً مقارنة بالإنجازات المتسارعة، وأهمها أنه أعاد تقويم سياساته الخارجية والخليجية، هو البلد الذي لا يمكن أن يقفل أبوابه ويكتفي بـ«خبز وملح» الأبناء، متغاضياً عن دعائم اقتصاده وأولاها السياحة وليس آخرها حسن السيرة والسلوك، وإلا فإن مشهد القوائم الحديدية سيبقى جاثماً وسط العاصمة وفي عيون المارة الذين يفتقدون حياة «الداون تاون»، كما صخب المقاهي والمطاعم والسياح وحركة لا تهدأ في بلد لم يعتد ناسه النوم المبكر ولا سكون أمسياته.
وإلى سياسة «الوصل»، والنهج الإنقاذي المتّبع، ثمّة رغبة صادقة في تجاوز حقل ألغام البلد بأقل الخسائر، حيث الكل فدائي ومتطوع وقادر على إحداث التغيير وصون الأرواح، فالداخل أولوية، المغترب أولوية، النفط أولوية، المخطوف أولوية، أمن المواطن أولوية، الطبابة أولوية، سلامة الطيران أولوية، ضرب الفساد أولوية، المحاسبة أولوية، المزارع أولوية، الصناعات أولوية، الأحداث الثقافية أولوية، وفي الأخيرة وجدت عباءة «كركلا» أخيراً من يلبسها بعد طول شغور وانقطاع.
وليس لأنه عهد جديد، على اللبناني أن يتفاءل و«يبيّض» صفحته، إنما لأنه عهد تتسم بدايته بعبارة «الدعوة عامة»،على اختلاف الطائفة والمنطقة والحزب والزعيم والعشيرة والمعتقد..حيث المطلوب ليس تصفيقاً وعتاباً، وإنما تنحية الخلافات، والاستفادة من الاختلافات، بغية التشمير عن الزنود والنزول الى الشارع لإصلاح ما خربته العواصف السياسية والمناخية ، سواء بالشفط أو بالتسليك وكل الرهان أن يرجع البلد أحلى مما كان. فهل يفعلها العهد الجديد؟.. كثيرة هي المؤشرات التي توحي بالـــــ «نعم».