Site icon IMLebanon

الدولة التوافقيّة… خطيئة مُميتة

منذ العام 1943 وحتى العام 1969 تاريخ فرض «اتفاق القاهرة» على اللبنانيين، وترك السلاح الفلسطيني يسقط سيادة لبنان واستقلاله وقراره الحر، كان بامكان اللبناني ان يتباهى بدولته رغم بعض الاخطاء والسقطات، وبنظامه، وبعملته الوطنية القوية، وبالقرارات التي تصدر بقوة القانون والدستور، وبجواز سفره المحترم في جميع دول العالم.

بعد ذلك التاريخ، بدأت مرحلة انهيار الدولة اللبنانية، ولم يعد ينفع شيء بايقافها على رجليها، لان الدول والمنظمات المحلية التابعة لها، قررت ان الوقت قد حان لاسقاط الدولة، واذا تعذر ذلك بفعل المقاومة اللبنانية، فبتجويفها واضعافها الى حدود الانهيار، تحت ضغط القوة والسلاح واثارة النعرات الطائفية والمذهبية، وتحوّل لبنان من دولة ووطن، الى ساحة يلعب فيها القريب والغريب، والوطن تحول الى محطة للهجرة والهرب، حتى الى بلاد الاسكيمو، خصوصا بعد ان ارتفعت اصوات عربية ولبنانية تعتبر ان لبنان الدولة خطأ تاريخي، يجب تصحيحه، وقد سبقوا بقولهم هذا ما يؤمن به هنري كيسنجر الاميركي اليهودي الذي كتب منذ ايام مقالا في «وول ستريت جورنال» توقع فيه ان اربع قوى سوف تبتلع الشرق الاوسط هي ايران الفارسية، والحركات الراديكالية الدينية، والصراعات الراهنة داخل كل دولة بين جماعات جمعت عشوائيا بعد الحرب العالمية الاولى على هيئة دول (وهي آخذة الان في الانهيار) ورابعا الضغوط المحلية بسبب سياسات داخلية واجتماعية واقتصادية وسياسية وخيمة.

****

المشكلة الكبرى التي ستكون السبب الرئيس في شطب لبنان من قائمة الدول، هي سياسة عجيبة غريبة، فرضت على لبنان بالقوة، وانجرّت اليها الطبقة السياسية الحاكمة، ولم يبق خارجها سوى بعض احزاب تنتسب الى قوى 14 آذار تدعى «التوافق» وبموجب هذه السياسة، طارت رئاسة الجمهورية، وتعطّلت، الحكومة، وشلّ مجلس النواب واصبح «التوافق المستحيل» معبراً الزامياً للخطط الأمنية، ولملف النفايات، وللمخالفات على انواعها، وللتعيينات، وعقد الجلسات، واللجان النيابية، والقضاء، وقانون الانتخابات النيابية، وللنازحين السوريين، الذين باعتراف مدير عام الامن العام، تحوّلوا الى حالة اجتماعية متفّجرة ستكون لها تشظيّات امنية خطيرة.

كل شيء في لبنان، اصبح خارج سلطة الحكومة، وخارج نصّ القوانين والدستور، وهو خاضع «للتوافق» الالزامي المذهبي والطائفي والمناطقي والسياسي، وا«للي مش عاجبو طريق البحر قدامو». والانكى من كل ما سبق ان البعض المستفيد من «التوافق» يكتب المعلقّات لشرح محاسنه، التي اوصلت لبنان الى هذا الدرك من الانهيار.

سقى الله ايام الدولة اللبنانية.