في خضمّ تفاقم الأزمة المعيشية والإقتصادية، لم تعد الظواهر التي يصادفها اللبنانيون أو يعيشون تفاصيلها غريبة أو عجيبة في يوميات حياتهم، وآخرها في مرافق الدولة العامة، حيث شهدت مؤسستان منها في صيدا صورة متشابهة في الازدحام، ولكنّها متناقضة في الأسباب.
الصورة الاولى، إقبال المواطنين على مكاتب الجباية في مؤسسة مياه لبنان الجنوبي، كما في مختلف المناطق لتسوية أوضاعهم المالية ودفع المستحقّات المتوجّبة عن اشتراكاتهم السنوية، بعد الحديث عن احتمال رفع بدل الاشتراك السنوي في كل مؤسسات المياه في لبنان ودفع الغرامات القديمة بالتسعيرة الجديدة، ممّا تسبّب في ازدحام واكتظاظ في الطابق المخصص للجباية.
وتؤكد مصادر مطلعة لـ»نداء الوطن» أنّ ارتفاع كلفة الكهرباء بموجب التسعيرة الجديدة، وإلزام مؤسسات المياه بدفع المبالغ المتوجّبة عليها مع المتأخّرات لشركة الكهرباء، وقطع التيار الكهربائي عن كل محطّات ضخ المياه التابعة للمؤسسة في حال التخلّف، أجبر إدارة مؤسسات المياه على درس الموضوع من كافة جوانبه بما فيها القانوني لوضع تقرير عن الكلفة المتوجّبة تمهيداً لرفع قيمة رسم تعرفة الاشتراك السنوي تزامناً مع ارتفاع رواتب الموظفين مرّات عدة مع بدلات النقل، وذلك من أجل مواصلة ضخ المياه للناس تفادياً لأي انقطاع. هذا الازدحام دفع مؤسسة مياه لبنان الجنوبي الى إصدار بيان تمنّت فيه على المشتركين «التوجّه لدفع اشتراكات المياه لدى شركات تحصيل الأموال مثل OMT وCash united، وفي مكاتب وفروع شركات تحصيل الاموال في القرى والبلدات والمدن، لتوفير وقتهم وتجنّب الازدحام في مكاتب الدوائر التابعة لها، بما يوفر عليهم مشقّة الانتقال ومصاريفه، وذلك بسبب الضغط الكبير وتوافد المواطنين المشتركين على مكاتب الجباية»، معتذرة من المشتركين على التأخّر في انجاز معاملات الدفع بسبب الضغط.
الصورة الثانية، الازدحام في شركة كهرباء لبنان الجنوبي، ولكن هذه المرّة لتقديم طلب إلغاء اشتراكات ساعات التغذية، بعد رفع رسومها وفق التسعيرة الجديدة بالدولار، وقد جاء هذا القرار بعدما استوفت الشركة الفاتورة المتأخرة عن شهري تشرين الثاني وكانون الأول من العام 2022، وفاجأت المواطنين في قيمتها حيث لم تقلّ عن المليون ليرة لبنانية، في وقت لم تكن فيه التغذية بالتيار الكهربائي خلال هذين الشهرين أكثر من ساعتين في اليوم، ما يضع المواطنين تحت عبء فاتورتي التيار والاشتراك وكلاهما بالدولار. وبين الصورتين، شهدت مصلحة تسجيل السيارات (النافعة) ازدحاماً لافتاً الاسبوع الماضي، ترجم بصفّين طويلين يميناً ويساراً عند مدخلها الرئيسي من أجل تسجيل السيارات الأجنبية بعد قرار هيئة ادارة السير – مصلحة تسجيل السيارات تعليق عملية تسجيلها، وتخصيص أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس من الأسبوع الجاري لإنجاز معاملات فك حجز السيارات والمعاملات المتأخّرة والمتراكمة بسبب الإقفال القسري سابقاً، على أن تعلن لاحقاً برنامجها لاعادة تسجيل السيارات. ويقول معقّبو المعاملات لـ»نداء الوطن»: «إنّ القرار المفاجئ إنعكس قلقاً لدى المواطنين من طول أمد تعليق اعادة تسجيل السيارات، لا سيّما وأنّ القرار لم يتضمّن مواعيد محددّة لذلك، ما دفع الراغبين الى الحضور باكراً طوال الايام الثلاثة والانتظار بطوابير طويلة امتدّت ساعات من دون أن يتمكّن البعض من انجازها، نظراً لمعاينتها والوقت الذي تستغرقه، وسط مطالبة بأن تقوم الشركة التي تلتزم المعاينة لاحقاً بذلك تخفيفاً للازدحام وتفادياً للوقت».