لعلّ كلام وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس هو الأكثر تعقلاً في زمن الغضب، اذ رأى أن “الخاطفين عصابة يستغلون أن لدينا دولة ويعملون لاستدراجنا لنصبح عصابة مثلهم، لكن بالتأكيد هذا لن يحصل”، مشدداً على “أن رد الحكومة واللبنانيين على هؤلاء المجرمين سيكون متناسباً مع خطورة ما جرى، وسيكون رداً سياسياً واستراتيجياً، ومن الضروري أن تتحد كل القوى السياسية تحت موقف واحد لأن المطلوب صون البلد، فيما يريد الإرهابيون في المقابل العبث بأمنه ويحاولون تصدير الأزمة إلينا وزرع بذور الفتنة بين اللبنانيين، وبالتالي على كل منا أن يقوم بدوره لإيصال السفينة إلى بر الأمان”.
ويذكرني درباس بكلام غسان تويني امام نعش جبران (الذي نحيي ذكراه ورفيقيه الجمعة المقبل) عندما دعا الى “أن ندفن مع جبران الأحقاد”، ولم يكن كلامه دليل ضعف أو جبن أو خوف، بل دفع الى عدم الثأر وترك العدالة تأخذ مجراها، والعدالة لا بد من ان تتحقق ولو تأخرت، وها هي المحكمة الخاصة بلبنان تستمر في عملها على رغم انقضاء نحو عشر سنين على اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
ان الدعوات الى الثأر، والى تنفيذ أحكام اعدام ميدانية، تنفي عن الدولة مشروعيتها، وتجعلها أقرب الى الميليشيات التي حكمت زمن الحرب في الداخل اللبناني، وهي تتحكم فيه اليوم من خارج الحدود، بالايعاز الى اهالي العسكريين باقفال الطرق وتالياً شل الحياة في شرايين العاصمة والمناطق، رغبة في الإيقاع بينهم وبين قوى الامن من جهة، وبينهم وبين مواطنيهم من جهة أخرى. إنها الارادة الخارجية تتلاعب بنا، ومصدرها السوري بارز دوماً، سواء من النظام الذي لم يتوانَ يوما عن ضرب مقومات الدولة والمؤسسات ونسفها، أم من المعارضة، وهي معارضات متعددة الهدف والرؤية والانتماء والعقيدة، ولا تملك رؤية لمستقبل بلدها ولحسن الجوار مع لبنان البلد الذي يتحمل التبعات السورية السيئة في زمن قوة النظام كما في زمن ضعفه.
صحيح أن خلية الازمة الوزارية لم تنجز الكثير حتى اليوم، وربما لم تنجز شيئاً، ولكن من الضروري ابقاء خط المعالجة الرسمية، صوناً لما تبقى من هيبة المؤسسات والحكومة.