لبنان الى أين ؟
سؤال صعب، والاجابة عليه أكثر صعوبة وحراجة.
وهذا ما ينبغي أن يتعمق في فهمه اللبنانيون.
وحسب مفهوم المفكر ميشال شيحا، فإن الجنوح الى الدولة المدنية، لا يعني اطلاقاً الحرب على الدولة الدينية.
ولبنان ليس بلداً طائفاً، ولا وطناً لطائفة.
ومن يستطيع أن ينظم أوضاع البلاد، وفقاً لطبائع كل طائفة، هو واهم، ومفرط في التعصب، ومغرق في رعونة التفكير والتوجه.
كان الشيخ العلاّمة أنور بكري، يشدد على أن لبنان هو بلد التنوع والتعدد، بمعنى أن هذا الوطن يخسر نعمة وجوده، اذا تمسك أبناؤه بانتمائهم الطائفي، لأن الطائفية دين، والبلد لا يقوم على طائفة.
ولبنان، أيضاً وأيضاً، يضم سبع عشرة طائفة على الأقل، فهل يمكن القول إن الوطن الصغير، هو سبعة عشر بلداً؟
لا يُرسل أحد هذا المفهوم الذي ظل ميشال شيحا يقوله لصهره الرئيس بشارة الخوري، إن لبنان بلد التنوع لا وطن التحجر، لاعطاء درس في الوطنية لأحد، بل لأن الوطن الصغير كان وسيبقى مثالاً لأهمية كثافة التنوع السياسي والحضاري.
صحيح، ان الوطن يواجه الآن أزمات وأثقالاً من المصاعب، أبرزها التطرف الديني، والتحجر الطائفي، لكن محاربة داعش والنصرة لا تكون الا بالحوار مع الناس، لا مع التطرف والتعصب.
ولعل الإمعان في التنديد بالأخطاء، هو مرادف للتحجر، وجنوح نحو التعصب.
وما حدث في العراق واليمن وفي جوار عدن، هو نموذج لما هو مرفوض ومرذول.
ولعل التعمق في فهم هذه المبادئ، هو ما يقود الى سيادة العقل، على الجهل، وتوطيد مفاهيم حديثة في ادراك ما تنطوي عليه سيادة مفهوم التعصب الديني.
وفي رأي الأديب طه حسين، أن بناء صروح الانفتاح هو ما كان يرمي اليه عميد الأدب العربي.
شاعت أخيراً في بعض البلدان أفكار يغلب عليها النشاز. الا ان الحرية أقوى من التعصب والتحجر والنشاز.
هل ما تشهده البلاد الآن، هو ردة فعل لما عرفته الدول المتحضرة، في عصر النهضة؟
ربما.
وربما لا .
لكن، لا شك في أن عصر بن لادن وداعش والنصرة ما كان لينمو وينتشر من الولايات المتحدة قبل خمسة عشر عاماً على الأقل، لو لم يجد بيئة حاضنة له، وهذا ما هو مطلوب الآن، لدحضه، وتغليب الحكمة عليه.
وهي ليست قبل شجاعة الشجعان، بل هي الشجاعة نفسها.