Site icon IMLebanon

دولة على القاعدة الاثنتي عشرية

تجاوز تيار المستقبل وحزب الله محطة ذكرى ١٤ آذار، وما قيل فيها وعنها، واتفقا في جولة الحوار الثامنة، على ابقاء ربط النزاع حول القضايا الخلافية المستبعدة من النقاش، وتحت سقف الاستقرار الراهن.

هذا التلاقي بعد تعاظم مؤشرات البعاد، كرس الانطباع العام، بأن الحوارات ثنائية أو ثلاثية، وحتى لو تطورت الى جماعية، ما زالت صاحبة الأولوية، في ظل تعذر الحلول الجذرية على أي صعيد، فالاختلافات السياسية بين اللبنانيين عديدة، لكن على كل طرف حصر الخصام بالمخاصم، وليس ببيئته السياسية أو المذهبية، وتالياً الطائفية… بمعنى أنه ليس كل ما يقوم به حزب الله في سوريا أو العراق، أو حتى اليمن يتعين نسبه للشيعة، ولا كل ما تفعله داعش والنصرة، ينسب الى السنّة، والذهاب بعكس هذا الاتجاه مسؤول عن رزمة الأزمات التي واجهت وتواجه لبنان، وفي طليعتها عدم انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي ترك الدولة اللبنانية تعمل بحسب القاعدة الاثنتي عشرية، المعتمدة بغياب الموازنة العامة، أي العيش بقوة الاستمرار لا بقوة المؤسسات الدستورية.

بيد أن هذا الحاصل، يشجع على الحوارات بين الاطراف المتعارضة، كما الحال بين حزب الله وبين تيار المستقبل. وبين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وقبلهما بين بكركي وحزب الله، وسينضم رؤساء الطوائف والمذاهب الى هذا الركب نهاية هذا الشهر، بانعقاد قمة روحية جديدة تواصل بشأنها البطريرك بشارة الراعي مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مع الامام عبد الأمير قبلان وشيخ العقل نعيم حسن، من أجل توفير جرعة دعم روحية للمتحاورين، والمساهمة في تنفيس الاحتقانات وتبريد التشنجات، وتوجيه التداءات من اجل وقف هجرة المسيحيين من سوريا والعراق، وتسفيه التطرف الديني والغلو المذهبي مع الحث على نشر روح الاعتدال وتسريع انتخاب رئيس الجمهورية.

وتأتي هذه النشاطات على وقع تحركات دولية واوروبية خصوصاً، فالرئيس الفرنسي هولاند وملك اسبانيا فيليب، سيزوران لبنان لتفقد كتيبتي بلديهما في الجنوب بمناسبة عيد الفصح، وسيمران في بيروت مرور الكرام، لعدم وجود رئيس جمهورية في بعبدا، يتباحثان معه. هذا الوضع كان محل استفظاع الرئيس ميشال سليمان الذي يرى أن اللبنانيين لن يسامحوا المسؤول عن جعل دولتهم مكسورة، بلا رئيس جمهورية، لأن لكل شيء رأساً يديره في هذه الحياة.

البعض يظنّ ان طبخة الرئاسة شارفت على النضوج، مع تقدم المسار النووي بين واشنطن وطهران، بدليل التحرّك الدولي المستجد، أكان على مستوى مجلس الأمن، حيث دعا رئيسه الفرنسي الى اصدار بيان يؤكد على حماية استقرار لبنان، بوجه وباء الارهاب، ويشدّد على مخاطر الفراغ الرئاسي، وسوى ذلك من مبادئ ومسلمات.، أو على مستوى الاتحاد الأوروبي الذي قامت ممثلته في لبنان أنجيلينا ايخهورست بجولة على المرجعيات، تحثّها على الرجوع للصواب الرئاسي، الى المنسقة الخاصة للمنظمات الدولية سينغريد كاغ، العازمة على:

زيارة الرياض وطهران، بهدف المساهمة في كسر جمود العملية السياسية في لبنان، والتي بادر رئيس حزب القوات اللبنانية د. سمير جعجع الى تصحيح احداثيات جولتها، بدعوتها الى وضع الإصبع على الجرح، والذهاب مباشرة الى ايران، لأنها هي من تعرقل الرئاسة وليس السعودية….

بعض الأوساط لاحظت مرونة محلية في الموضوع الرئاسي، تحت ضغط الفراغ المخيّم في أجواء القيادات العسكرية والأمنية، والمخاوف التي يستشعرها العماد ميشال عون، من قرار يتخذه وزير الدفاع سمير مقبل بتأخير تسريح العماد جان قهوجي، بحيث بدا من جولته على القيادات المعنية، ان اهتمامه بقيادة الجيش وازت اهتمامه برئاسة الجمهورية، وكأنه يمهّد لخطوة ما، قد تريح باله في المستقبل، ولو على حساب الحاضر.

آخر نصيحة تلقاها رئيس التيار الوطني الحر العماد عون كانت من النائب وليد جنبلاط، الذي أشار عليه بالوقوف على رأي رئيس الحكومة تمام سلام، في امكانية تعيين قائد للجيش الآن، ومع رئيس الحكومة، حزب الكتائب الذي له في الحكومة ثلاثة وزراء عدا السهو والغلط…

فهل يمكن رؤية العماد عون في المصيطبة، وبكفيا في وقت قريب؟

لا نسبية في السياسة، بل قرار…