عندما تقدم النائب نقولا فتوش بمشروع قانون لتمديد ثان لمجلس النواب، ادرك جميع النواب ورؤساء الكتل النيابية، ان التمديد واقع لا محالة، لسبب واحد، معرفتهم بعلاقة النائب فتوش الوثيقة برئيس مجلس النواب نبيه بري، وان اقدام فتوش على هذه الخطوة غير الشعبية، لا يمكن ان يحصل بعيدا من موافقة بري عليها، رغم جملة بري الرفضية للنواب «ما حدا يراجعني بالتمديد لمجلس عاطل عن العمل»، لأن رئيس المجلس كان على دراية وعلم بان تيار المستقبل سيسحب ترشيحات مرشحيه ان لم ينتخب رئيس للجمهورية قبل اجراء الانتخابات، وان «حليفه اللدود» النائب وليد جنبلاط المتخوف من الاوضاع الامنية، يفضل التمديد على الانتخابات، وان حزب القوات اللبنانية الحريص على المؤسسات وعلى عدم الوقوع في الفراغ الشامل ان لم ينتخب رئيس للجمهورية قبل الثاني والعشرين من الشهر الجاري، سيتجرع سم التمديد ولا يسمح بوقوع الفراغ الذي سيدخل البلاد في المجهول الاسود، ولذلك فان رفع قميص عثمان التمديد من رافضيه، هو سليم من حيث المبدأ، ولكن اهدافه لا تتجاوز صندوق الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة ان قيّض للبنان ان يشهد انتخابات في المدى المنظور، ان كان على صعيد النيابة او الرئاسة، على الرغم من الاجواء الايجابية التي يحاول الرئيس نبيه بري اشاعتها، عن وجود مناخ داخلي، قد يؤدي الى التفاهم على رئيس للجمهورية، بعد ان تنجح الاتصالات المكثفة لبدء حوار، بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» على موضوعين اثنين، قانون الانتخابات الجديد، وانتخاب رئيس للجمهورية، علما بان طريق التفاهم بين السعودية وايران، غير سالكة بعد، على الرغم من ان ايران، حسب معلومات ديبلوماسية، ثمنت عاليا موقف السعودية في مكافحة الارهاب، خصوصا عندما، اخذت تدابير سريعة وفاعلة لمعاقبة من قتل عددا من الشيعة كانوا يحيون ذكرى عاشوراء. ولذلك يمكن القول ان طهران لم تنتقل بعد من مرحلة التعطيل الى مرحلة التسهيل، بانتظار المزيد من الدرس والانتظار، لمعرفة مسار الرياح كيف تهب من الولايات المتحدة الاميركية، بعد الانتصارات التي حققها الجمهوريون.
***
يقول وزير سابق قريب من قوى 14 آذار ومعارض للتمديدين الاول والثاني ان التمديد شر، ولكن كان لا بد منه، لان الوقوع في الفراغ الشامل كارثة محققة، ولا يجوز لاحد يملك عقلا سليما، ان يخفف من نتائج هذه الكارثة، ولذلك فان الذين ذهبوا الى التمديد مرغمين، مثل الرئيس بري والقوات اللبنانية وكتلة اللقاء الديمقوراطي، خسروا ربما شعبيا في الوقت الحالي، لكنهم كانوا سببا في انقاذ لبنان والجمهورية، وربما عجّلوا بموقفهم هذا من انتخاب رئيس للجمهورية، على ان تجري بعده الانتخابات النيابية.
تصريح رئيس الحكومة تمام سلام للزميلة النهار، حول انتاجية مجلس الوزراء، يؤكد صحة موقف الوزير السابق، حين يقول ان مجلس الوزراء يعمل بنصف طاقته، بسبب الخلافات الدائمة بين الوزراء، والخلاف على العديد من القضايا، التي تعمل بكامل طاقتها، هي والفساد الذي لا يغرق الشوارع والاوتوسترادات والبيوت فحسب، بل الادارة العامة والمطاعم والملاهي والملاحم والمؤسسات، وكل شبر على الارض اللبنانية، ما يستدعي وجود حكومة جديدة متجانسة، مكان هذه الموجودة المفككة التي ولدت سباعية وعاشت في «الكوفيز» لتؤمن مهمة وحيدة هي اجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية، ويذهب كل وزير بعدها الى مزرعته وربعه وقبيلته.
يكفي اللبنانيين ان يعرفوا الذل والتعاسة والظروف المهينة الصعبة التي يعيشها ابناؤنا الجنود المختطفون، كما نقلتها عائلة الجندي حسين عمار، ليعرفوا الجريمة التي ترتكب بحق هؤلاء وحق عائلاتهم وحق الجيش وجميع اللبنانيين، معيب جدا ان يستمر لبنان على هذا الحال.