Site icon IMLebanon

دولة الرئيس عصام فارس: أنظروا إلى النصف الملآن  لا النصف الفارغ

من حين إلى آخر أتبادل مع كبيرنا بالمعرفة والخبرة والممارسة، دولة نائب رئيس الحكومة الصديق عصام فارس، في ما يحيط بنا من أزمات ومن إحباطات، أعكس إليه التشاؤم فيردُّ بالتفاؤل، أقول في نفسي:

ربما يحاول رفع معنوياتنا، إلى أن عزَّز تفاؤلَهُ بوقائع من حياتنا المعاصرة، فدوَّنتُ أفكارَهُ لأني وجدته مسترسلاً، يعكس من أفكاره وتفاؤله وخبرته الطويلة في الحكم عبرةً لكلِّ متشائم.

يأخذنا دولة نائب الرئيس في محطات من عمر الحرب وصولاً إلى اليوم، فكان اتصالي معه طويلاً استخلصت فيه هذه الخلاصات الصادقة والواقعية:

قبل سوكلين، كان اللبنانيون يُنتجون نفايات وكان هناك مَن يجمعها ويعالجها، كانت الشوارع نظيفة ولم تكن هناك من مشكلة. وبعد سوكلين، وربما معها، ستكون هناك معالجات وستعود الشوارع نظيفة، لن نقول إنّها غيمة صيف وتزول، بل إنها نفايات صيف وتزول لأن المشكلة ليست في المعالجات، بل في السياسيين الذين حين يتأكدون أنَّ الكباش في ما بينهم لن يؤدي إلى أيِّ نتيجة، سيعودون مرغمين إلى الإتفاقات.

لكن في جميع أنحاء العالم الحضاري الحكومات غير مسؤولة إطلاقاً عن إزالة النفايات، بل كلّ مقاطعة أو ولاية أو بلدية هي التي تقوم بالطرق الحديثة بفرزها في المعامل لإعادة وجهة إستعمالها.

قبل الأزمات كانت هناك بحبوحة، وكانت الأمور في صعودٍ وهبوط، عاش اللبنانيون مع دولارٍ لم يتجاوز الليرتين، وعاشوا مع دولار وصل إلى ثلاثة آلاف وخمسمئة ليرة ويعيشون اليوم مع دولار ثابتٍ على ألفٍ وخمسمئة ليرة، فأين المشكلة؟

في الأزمات عاش اللبنانيون على انقطاع المحروقات، كانت طوابير السيارات تمتدُّ كيلومترات أمام المحطات، كان اللبناني يمضي نهاره للحصول على تنكة بنزين وأحياناً غالون، قُصِفت كازخانات الدورة وصارت المحروقات تأتي من البواخر إلى المحطات لكنَّ الأزمة انتهت وعاد كلُّ شيءٍ إلى طبيعته.

في الأزمات عاش اللبنانيون أزمة رواتب، في إحدى المرات تدنى احتياط مصرف لبنان من العملات الصعبة إلى مئتي مليون دولار، وكان ذلك في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، لم يسقط البلد. اليوم هناك تأخّر في الرواتب وليس أزمة رواتب، واحتياط مصرف لبنان بالعملات الصعبة يتجاوز الثلاثين مليار دولار.

القطاع المصرفي مستقر وثابت ولا شيء يهزه، في ما مضى كان هناك شيء إسمه تعثّر المصارف منذ عقدين من الزمن لم نعد نسمع بهذا المصطلح، المصارف ثابتة ومستقرة والعلاقة مع حاكم مصرف لبنان على أحسن حال ولا شيء يدعو إلى القلق.

في لبنان قُصف المطار وتعطَّلت حركة الطيران فيه، واللبنانيون إما علقوا وإما كانوا يسافرون عبر مرفأ جونيه إلى قبرص ومنها إلى الدول التي كانوا يتوجهون إليها. اليوم يسافرون عبر المطار ولا مشكلة.

في لبنان كانت هناك مهرجانات بعلبك فقط، ولم يكن اللبنانيون يعرفون غيرها لأنَّ غيرها لم يكن موجوداً.

اليوم عشرات المهرجانات:

من بعلبك، إلى بيت الدين، إلى بيروت، إلى الذوق، إلى جونيه، إلى جبيل، إلى إهدن، إلى الأرز، إلى القبيات، إلى صور، إلى إهمج، إلى قرطبا، إلى أرز تنورين وغيرها وغيرها، إنها حدود لبنان السياحية التي لا تقلُّ أهميةً عن حدوده الجغرافية، إنها العنوان الحقيقي للبنان.

وتابع دولته، في لبنان نصفٌ فارغ ونصفٌ ملآن من الكأس، فلماذا النظر دائماً، وعن قصد وعن تعمُّد إلى النصف الفارغ؟

هل هي ثقافة الإحباط؟

هل هي ثقافة الإستسلام؟

ولماذا؟

ومن أجل أي هدف؟

وقبل إقفال الإتصال قال لي ما وجدته الأكثر واقعياً ومعبراً:

إنَّ الأمل يبدأ بالكفّ عن الإحباط، فلنكفَّ جميعاً والدنيا بإذن الرب إلى الأمام.