IMLebanon

ازمة «امن الدولة» كشفت عجز الحكومة

كأن أزمة النفايات التي وجدت حلاً مرهقاً ومرحلياً لا يكفيها ليأتي «الانترنت» غير الشرعي وفضائح من مستوى الاتجار بالبشر لتكشف المستور في الدولة من تردي مستويات المعالجة والفساد ليكتمل المشهد في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة بمسلسل الخلاف بين الوزراء حول ملف جهاز امن الدولة، ليظهر مشهد الحكومة المترنحة تحت وطأة الملفات الضاغطة وعجز الحكومة وعدم تجانس مكوناتها، ولو ان الخلاف الاخير حول موضوع جهاز امن الدولة اتخذ منحى مختلفاً وابعاداً اخرى مغايرة للملفات الاخرى، فنيّة الوزراء المسيحيين في الحكومة بدت واضحة منذ بداية الجلسة كما تؤكد اوساط سياسية في تفجير الخلاف حول ازمة امن الدولة وعدم التراجع في هذا الموضوع ولو على حساب تفجير الجلسة كما حصل لأن التهاون في الملف لم يعد مقبولأ. فما ظهر امام الرأي العام جزء من كل ومن ملف كبير يتعلق بالمديرية حيث لا يخفى ان هناك محاولات حثيثة لحل جهاز امن الدولة وخطوة ممنهجة منذ فترة طويلة لضرب عمل الجهاز وحيث ان وجهة نظر الوزراء المسيحيين بان ثمة تهميشاً للمدير العام اللواء جورج قرعة بدأ من فترة طويلة لعزله واقصائه وابعاده عن المديرية بعد ابعاده عن اجتماعات السراي الحكومي الأمنية، وان الاجراءات استكملت بمنع النفقات السرية ومصاريف السفر علماً ان صرف هذه النفقات كان يتم منذ خمسة وعشرين عاماً بدون توقف فيما يتم اليوم افتعال قضية التوقيعين اي توقيع المدير العام ونائبه وفي ذلك افتعال لاشكالية معروفة.

واذ ترى الاوساط بانه لا يجوز اعطاء المسألة ابعاداً طائفية مع ان الوزراء المسيحيين هم الذين اثاروا الموضوع في مواجهة مكشوفة مع رئيس الحكومة ووزير المال فالمعروف، كما تقول الاوساط، فان الجهاز مؤلف من كل الطوائف، وبالتالي فالاشكالية ليست محصورة بين الكاثوليك والشيعة، بل لها ابعاد تتصل بمصير الجهاز والخطة التي وضعت لانهائه وضربه عبر حجب داتا المعلومات عنه وعنصر المال مما يعيق مهماته في زمن الدولة اللبنانية بحاجة لأكثر من جهاز أمني لمكافحة الارهاب والتعاطي مع المشاكل الأمنية التي يغرق تحت وطأتها البلد.

واللافت كما تقول الاوساط ان مجلس الوزراء الذي كاد يتحول الى حلبة مصارعة مع التشدد الذي ابداه التكتل الوزاري لفرعون وبو صعب وبطرس حرب ومسارعة رئيس الحكومة الى المواجهة واعلان رأيه بانه هو من يوقف كل شيء في اشارة تحذيرية الى الوزراء المشاكسين بعدم التجاوز اكثر.

جلسة امن الدولة اثبتت مرة جديدة ازمة مجلس الوزراء وان حكومة المصلحة الوطنية غير متجانسة على حد قول الاوساط، وعاجزة رزحت تحت وطأة ملف النفايات التي اغرقت البلاد ثمانية اشهر دون رفعها من الشوارع ، ولا تزال على تماس مع ملفات الانترنت غير الشرعي والفساد، وملفات كثيرة حساسة وساخنة وغالباً ما استحكمت الخلافات بين وزرائها في اغلب الجلسات الحكومية وخصوصاً بين وزراء التيار الوطني الحر والمستقبل وأمل، وشاغب كثيرون ضد يعضهم وفي وجه رئيس الحكومة مرات ووقف رئيس الحكومة وحيداً يشهد الصراعات بين وزراء حكومته دون ان يكون طرفاً او فريقاً فاقداً عناصر القوة والمواجهة لحماية حكومته.

بدون شك فان عودة الحريري اربكت تمام بيك، تؤكد الاوساط، فزعيم المستقبل يتجول في عواصم القرار لانتاج حل رئاسي عاد الى بيروت حاملاً مشروع سليمان فرنجية في قصر بعبدا والحريري في السراي فشكل احراجاً لزعيم المصيطبة قبل ان تجري رياح الحريري بغير ما تشتهي سفنه، فيعود الحريري الى التصعيد في الداخل لتأتي أزمة الهبة السعودية فيحار تمام بيك كيف يتعاطى معها، فموضوع الهبة كان من اكثر المسائل التي ارهقت حكومة سلام واضطرت حكومته لطلب الاعتذار من المملكة فكان الاعتذار المرن الذي لم يرض او يشفي غليل المملكة التي اصرت على اعتذار حزب الله وبيان شديد اللهجة ضد حزب الله وحيث ان العلاقة لا تزال متوقفة عند هذا الحد بين المملكة والحكومة.

أزمة الحكومة برأي اوساط كثيرة صارت متعددة الأوجه، فوجود الحريري كمشروع بديل عن تمام سلام يلقي بثقله على زعيم المصيطبة، والعلاقة مع الوزراء المسيحيين في الحكومة لا يبدو انها تسير بشكل طبيعي، الحكومة كانت محسوبة الى حد ما على السعودية او الشارع السني المقرب من السعودية لكنها باتت محاربة من المملكة ومتروكة من الجميع من الحلفاء والاخصام، وهي مستهدفة من المملكة بالذات التي كان يفترض ان تحصنها وتحميها من السقوط.

ولا يختلف اثنان ان الحكومة السلامية غير متجانسة والخلافات تعشش بين افرقائها المنتمين الى المحورين المتصارعين، فالخلاف حول قضية ميشال سماحة سبب استقالة وزير العدل واي بند خلافي على غرار ملف أمن الدولة يسبب تعطيلاً وتطييراً محتملاً لها بحيث اصبحت نسخة منقحة عن طاولة الحوار تتأثر بخلافات حزب الله والمستقبل وبالصراع بين السعودية وايران.

يسعى رئيس الحكومة جاهداً الى حماية حكومته تؤكد الاوساط، وترتيب الوضع بين افرقائها عبر حلول كثير يعتمدها للمناورة لكنه لم يتوصل الى الحل السحري او لايجاد مخرج لازمات حكومته، آخر الازمات الحكومية فضيحة «الانترنت» المسروق والشبكات التي نشأت وترعرعت الى جانب الشبكة الرئيسية والتي يحكى انها محمية من شخصيات سياسية وامنية ومسؤولين في الدولة وحيث ان الشبكات المكتشفة تتفوق على الشبكة الشرعية بالتقنيات والاحداثيات، أضافة الى أزمة «أمن الدولة» حيث ان الوزراء المسيحيين ومن ورائهم بكركي يرفضون اعطاء الصبغة الطائفية للمسألة وان بكركي تعمل الى جانب المرجعيات الكاثوليكية على حل الموضوع.