لم يعد بإمكان الجامعة اللبنانية وإدارتها منع طلاب الجامعة من الدراسة في أكثر من إختصاص تحت ذريعة العبء المادي الذي تتكبدّه الجامعة أو أي ذريعة أخرى. فالدولة «ملزمة بتأمين المعارف العمومية من خلال توفير العلم الأكاديمي لكل طالب مع ما يستلزم ذلك من وسائل مادية، وذلك يستتبع وجوب قبول كل طالب تتوافر فيه الشروط القانونية لدخول الجامعة اللبنانية لمتابعة الدراسة في اختصاص او اكثر».
هكذا فسّر حكم شورى الدولة الصادر أمس برئاسة القاضي هنري الخوري وعضوية المستشارين ريتا كرم ويحيي الكركتلي، المادة التاسعة من الدستور اللبناني التي تنص على أن «التعليم حر ما لم يخلّ بالنظام العام او يناف الآداب او يتعرّض لكرامة أحد الأديان او المذاهب…».
وقد زفّ تحالف الأندية والحملات المستقلة في الجامعة اللبنانية خبر ابطال مجلس شورى الدولة للمذكرتين رقم 7 و8 الصادرتين عن رئيس الجامعة اللبنانية في حكم صدر بتاريخ 13/7/2018. المذكرة الأولى كانت تقضي بمنع الطلاب من التسجيل في أكثر من إختصاص في العام الدراسي ذاته وفي مراحل الشهادات كافة أو حتى التسجيل في مرحلتين مختلفتين، والمذكرة الثانية صدرت لـ«تفسّر» ما ورد في المذكرة السابقة والسماح للطالب بتسجيل 20% فقط من الأرصدة في الاختصاص الثاني (بشرط أن ينجح بنسبة 100% في الاختصاص الأول).
الحكم الصادر يُعد إنجازا جديدا لتحالف الأندية والحملات المستقلة في الجامعة اللبنانية الذي تبنى القضية وتقدم بواسطة مكتب الوزير السابق المحامي زياد بارود بمراجعة لدى مجلس شورى الدولة بتاريخ 11/08/2017 طعناً بهاتين المذكرين، مستندا إلى المبادئ الدستورية والأحكام العامة للتعليم العالي التي كفلت وصانت حرية التعليم والتحصيل العلمي. الجدير ذكره أنه ليس القرار الأول الذي ينصف الطلاب في هذه القضية، فقد سبق لشورى الدولة أن أصدر قرارا إعداديا يوقف العمل بالمذكرتين المذكورتين أعلاه الى حين صدور الحكم النهائي بالقضية.
بارود أوضح في اتصال مع «الأخبار» أن أهمية الحكم الصادر تكمن في حيثياته إذ اعتبر أن الجامعات، ومن ضمنها الجامعة اللبنانية، تقدم خدمة عامة تلبي حاجات المجتمع، بحسب ما يرد في قانون تنظيم التعليم العالي. وهنّأ الطلاب الذين لجأوا الى القضاء لتحصيل حقوقهم، مضيفا بأن العبء التي يترتب على الجامعة «لا شيء يُذكر أمام الأعباء التي تترتب على الطالب الطموح الذي يدرس أكثر من اختصاص، ويجب أن نشجعه ونحييه على خطوته هذه».
الطالب تيسير الزعتري، من نادي «سما»، اعتبر هذا الحكم بمثابة «انتصار لحقوق الطلاب في الجامعة اللبنانية». «النضال المشترك للأندية والقوى الطلابية لن يتوقف» بحسب الزعتري، بل ستعزز هذه القوى جهودها في العام المقبل للعمل على قضيتين أساسييتين: اجراء الانتخابات الطلابية المتوقفة قسرا في الجامعة منذ أكثر من عشر سنوات، واقرار قانون ينظم عمل الأندية أسوة بالجامعات العريقة.
ويسعى هذا التحالف لاعادة احياء «الحركة الطلابية» في الجامعة وذلك من خلال نجاح هذه التجربة في احداث تغيير «يصب في مصلحة الطلاب ويحثهم على التفاعل و التضامن في الاستحقاقات المقبلة بغية تطوير الجامعة اللبنانية» بحسب ما يقول صادق سعد من نادي «سما».