IMLebanon

دولة السيادة  هي دولة الردع

مع مطلع كل عام نكرر تبادل التهاني بأكثر العبارات شيوعا وهي كل عام وأنتم بخير، حتى ولو كان جمع المذكر المخاطب أنتم في ألف شرّ وجحيم! هي عبارة قد نكررها بجفاف العادة أو بصفاء التفاؤل، ونرفقها بفيض من التمنيات التي نعرف سلفا انها لن تتحقق. ومع ذلك، فلنا أن نطلق تمنيات في العهد الجديد الواعد، ولنا ثقة بامكانية أن تتحقق، أو بعضها على الأقل. وخير أمنية نتمناها للوطن في العام الجديد والعهد الجديد، هي الشفاء من مرضه المزمن والمستعصي، ويتعافى من الطائفية بكل أوصافها، سياسية كانت أم غير سياسية، لتقوم فيه دولة مدنية عصرية توسع فيه تفاعل الحضارات والثقافات… و٧٤ سنة من النظام الطائفي المدمّر تكفي!

من هنا، والى أن نقترب مسافة ما من ذلك الهدف البعيد، يمكننا أن نبدأ بتحسين لغة الخطاب السياسي، انطلاقا من تحديد معاني الكلمات وتوحيد مضمونها، ويكون لها مفهوم واحد في المجتمع المتعدد فتتوحّد الصفوف، بدلا من التقاتل تحت شعار واحد ولكن بمفهومين متعاكسين! ومن هذه الشعارات مثلا: سيادة الدولة، وقرار السلم والحرب وغيرهما الكثير اذا شئنا الغرق في التفاصيل. وفي الممارسة العملية، رفعت أطراف الصراع شعار السيادة نفسه، ولكن بمفهوم سار في اتجاه لدى البعض، وفي الاتجاه المعاكس لدى الأطراف الأخرى. سيادة فسّرها فريق بأنها تبعية للغرب وللاستعمار، وفسّرها الفريق الآخر بأنها تبعية للعرب، ولهيمنة الأكثرية على الأقليات في هذا الشرق!

الوسيلة الأمثل لكسب الحرب هي إجبار العدو على عدم خوضها. وهذا ما يعرف بلغة الاستراتيجية ب الردع. وبينما تقوم الحرب على مبدأ منتصر ومهزوم، فان مفهوم الردع يقوم على قاعدة اقتناع طرفي الصراع بعدم خوض حرب خاسرة لهما معا، وبنتيجتها مهزوم ومهزوم، وليس فيها منتصر واحد! ولم يتمكن لبنان في تاريخه الاستقلالي يوما قط، من أن يكون دولة ردع. من أسباب ذلك تبنّيه في بعض المراحل مفاهيم ملغومة وخادعة كالقول قوة لبنان في ضعفه! ومنها أيضا في مراحل لاحقة انزلاقه نحو ادمان مخدرات العصبية الطائفية ثم المذهبية! وعندما تنشأ قوة في لبنان تحقق الردع بسلاح خارج الدولة، يصبح من واجب الدولة أن تجد وسيلة لاستخدامه في خدمة السيادة الوطنية بدلا من محاربته بحجة انه خارج على السيادة!