IMLebanon

إستقرار الدولة شرط أساسي لنهضة سياسية

 

إننا في مرحلة سياسية إنتقالية غير تقليدية وبالتالي إنّ الوضع العام في الجمهورية اللبنانية يتطّلب عامل إستقرار سياسي – أمني – اقتصادي – مالي – إجتماعي، وهذا الاستقرار بكل عوامله ومفاهيمه بما يحمله من شروط سياسية صاحبة منظومة سياسية واضحة المعالم تستند إلى حرية ممارسة العمل السياسي ضمن الأطر القانونية بما تفرضه شرعة حقوق الإنسان والأنظمة السياسية الديمقراطية وهما بمثابة العمود الفقري للعهد الجديد وللحكومة المنتظر تشكيلها وفقاً للأطر التي تمّ التوافق عليها ضمن إستراتيجية جيوسياسية جديدة سواء أكان في الجمهورية اللبنانية أو في بعض دول المنطقة التي كانتْ تخضع لسلطة وصاية إيرانية تتعارض مع نظام القانون الدولي.

إنّ الاستقرار السياسي كما يُعرفه «علم السياسية» هو وليد الحياة السياسية المنضبطة التي تقوم على أُسُس دستورية قانونية علمية موضوعية وليس على قاعدة «مرقلي لمرقلك»، وليس وليد سياسات أمنية أو ما يُعرف بالأمن السياسي الذي كان قائماً طوال العشرين سنة الماضية والذي فتك بالديمقراطية، أو بما كان يُعرف لدى الباحثين «إنه الأمن السياسي المستخدَمْ كآلة لتوفير الإستقرار السياسي – الأمني – الاقتصادي – الإجتماعي الوهمي». إنّ أي إستقرارا حقيقيا فعّالا منطقيا علميا قانونيا يظهر تلقائياً مع ظهور ترابط وثيق مع القانون والدستور والشرائع الدولية والتناغم مع ساسة نزهاء كِبار الفكر أكاديميين محترفين في ممارسة العمل السياسي السليم لا كما كان يحصل سابقًا والذي كان نتاج تسويات أرهقتْ الدولة ومؤسساتها الشرعية.

 

مرفوض أي إستقرار سياسي يقوم على تسوية معينة أي إعادة تكوين سلطة تنفيذية على قاعدة إعادة وجوه سابقة سبقَ أنْ مارستْ النظام وفشلت في الأداء، إنّ هذا الأسلوب في حالة وجوده على ما يتُّم تسويقه عبر وسائل الإعلام وعلى ذمة بعض الإعلاميين هو تغيير عفن غير مقبول وسيأتي بمزيد من الفوضى وعدم الإستقرار وسيُمهِّدْ لأرض خصبة تحمل الفوضى والخيارات الملتوية، وفي حالة إستمرار هذا الأمر سيتحمّلْ كل من العهد المسؤولية، وإنما ليس العهد وحده سيكون مسؤولاً عمّا سيحدثْ ، لكن المسؤولية تكون على السلطتين العربية – الدولية اللتان ستسمحان بفرض هذا الخيار على المجتمع اللبناني دون إتاحة خيارات أخرى لأنّ أي تلكؤ في عدم الحسم سيكون أحد العوامل الهامة الذي سيُغذّي الفوضى السياسية من جديد.

 

كفانا معاناة من عدم الإستقرار السياسي، وفعلياً نحن أمام أسوأ الأمراض السياسية التي أنهكت الجمهورية وأضعفتها وأدّتْ إلى تفكُّكْ أواصر الدولة، ويأتيك من يُطالب بإعادة ضم أحزاب ومقامات سياسية كانتْ السبب في هذا الداء ومن أثاره القاتلة الكارثية، ويُحاولون إدخال أنصار لهم إلى التركيبة الحكومية، أو يتذاكون بتسمية مراجع قريبة منهم ولكن هذا التذاكي لا يُفيد إذ أنهم في مراحل سابقة سعوا لتسمية أنصار لهم في المجالس الوزارية ولا حاجة لتذكير القارئ الكريم بالمُسمّين وزراء بالإنابة عن هذه الأحزاب كيف فشلوا الفشل الذريع في مقاربة سير وزاراتهم.

إنّ الإستقرار السياسي الصادق وغير متلوِّنْ ضروري لتشكيل حكومة العهد الأولى، فمن دون إستقرار سياسي مناسب وغير مشروط ومن دون تدخلات وضغوطات لا يمكن لحكومة العهد الأولى أن تُشكّل، لأنّ ما يدور في الكواليس عن محاصصة وحقائب قد يحيل هذه الحكومة إلى جحيم لا يُطاق ويعطّل مسيرة الحياة العامة بشكل طبيعي وهذا أمر يتناقض وبنود التسوية الإقليمية التي أفضتْ إلى تغييرات جذرية على المسرح السياسي اللبناني والإقليمي.

إنّ الاستقرار السياسي لحكومة العهد الأولى يعني بصفة عامة ووفقاً للعلوم السياسية إستتباب النظام أي القانون – الدستور، الأمن – الاقتصاد القائمين على أسُس قانونية شرعية من قبل الأشخاص المؤهلين لصفة وزير، كما أنّ سيادة الاستقرار السياسي تضمن سير عمل حكومة العهد الأولى بشكل طبيعي – دستوري الذي لا بُدّ من توافره بقدر مناسب لقيام حكومة منتجة بنّاءة شرعية المواصفات لا مرتهنة للقوى الفاشلة التي مارستْ النظام بالفساد والتبعية والإرتهان والعمالة.

نحن في جمهورية غير مستقرّة وعوامل الإستقرار فيها غير متوفرة، ونحن في جمهورية أزماتها كبيرة وخطيرة، لذا نحن بحاجة إلى توفير الحـد الأدنـى من شروط الإستقرار وإلى تلبية حاجات المواطنين الأساسية. وفي سبيل تعزيز جدوى الآلية الوطنية التي تؤكد عليها مراكز الأبحاث، نُطالب بحكومة مستقلّة ناشطة تحقّق الاستقرار ضمن إجراءات سريعة تنسجم مع متطلبات شعبنا.

نُطالب بحكومة مستقلة كل الإستقلالية عن الزبائنية السياسية التي أوصلتنا إلى حالات الإنهيار ضمن مهمة وطنية تهدف إلى تحقيق أهداف نختصرها: تحقيق الأمن – تعزيز مكانة الدولة الرئيسة – إنعاش الاقتصاد المحلي – تعزيز المجتمع المدني – تمهيد الطريق لإعادة إعمار البلاد (كل البلاد) وتنميتها على المدى البعيد. نريد كمركز أبحاث PEAC حكومة وحدة لها شخصية مستقلة لا مجموعة من الوزراء المتنافرين، حكومة العهد الأولى بيانها الوزاري مُلزم لجميع مكوناتها، وزرائها يحملون معيار النزاهة لا الإرتهان لقوى الأمر الواقع، وزراء يتمتّعون بكفاءة إدارية – قيادية. لا لحكومة تُعيد إنتاج ممارسة سياسية وغير دستورية كما كان يحصل في السابق. إنّ إستقرار الدولة شرط أساسي لنهضة سياسية تقوم بها حكومة العهد الأولى شرط ألّا تخضع للإبتزاز.

* كاتب وباحث سياسي