IMLebanon

طالب الولاية والمجلس غير الشرعي

لأيّ دولة ينتخبون رئيساً؟ وأيُّ نواب سينتخبون الرئيس؟ وبموجب أيِّ دستور؟

الآلية الدستورية لانتخاب رئيس لجمهورية لبنان تتِّم بموجب دستور شفهي جوّال بين خمسة رؤساء أحزاب يشكلون هم النصاب بالثلثين وأكثر، ولا

ضرورة لانعقاد جلسة للنواب في ساحة النجمة، فهم النواب، وهم أبطال الساحة، والنجوم، وهم الدستور البشري الذي لا قيمة معه لدستور من حبر وورق.

الدستور الشرعي الذي هو من ورق يقول: رئيس الجمهورية ينتخبه النواب، والمادة 24 من هذا الدستور تقول: يتألف المجلس من نواب منتخبين.

ولأن هذا المجلس النيابي يتألف من نواب غير منتخبين وقد اقتنصوا التمديد لأنفسهم مرتين، فهو إذاً حسب الدستور الشرعي مجلس غير شرعي.

وأبرز شاهد من أهله هو العماد ميشال عون الذي أعلن غير مرة عدم شرعية المجلس النيابي، وفي آخر إطلالاته مع الإعلامي جان عزيز بتاريخ 2016/10/4 قال: «كل مجلس النواب غير شرعي بمن فيه أنا والرئيس نبيه بري…»

هذا يعني أن هذا المجلس غير شرعي… والرئيس الذي ينتخبه المجلس غير الشرعي هو أيضاً رئيس غير شرعي، وإذا كان العماد عون نائباً غير شرعي فالصوت الذي ينتخب به نفسه هو صوت غير شرعي لرئيس غير شرعي.

وفي هذه المعمعة القاتلة لانهيار كل شيء شرعي، في دولة أصبح كل ما فيها ينذر بأوراق النَعي، كفر الناس وباتوا يشككون بلبنان الشرعي ويلجّ في نفوسهم انتظار الإنتقال من غير الشرعي الى الشرعي، ومن اللادولة الى الدولة، ومن دولة الفساد والإفساد والتخلّف والإنحطاط والمحاصصات والرشوة والسمسرات والإثراء غير المشروع، وروائج الفضائح… ومن دولة الخداع والغدر والتهتك والتواكل والتخاذل والفوضى والحرمان والزبائنية والإنتهازية والظلم والإستزلام والظلام… الى دولة العدالة والحرية والنزاهة والمسؤولية والقانون والمساواة في الحقوق والواجبات.

من دولة الدويلات والمذهبيات «وسرايا التوحيد وسرايا المقاومة وسرايا حماة الديار» الى سرايا الجيش وقوى الأمن وسرايا الحكومة.

ومن مجتمع انحلالي مفكك، الى المجتمعية المؤتلفة في كيان سياسي موحّد بشعب حرّ ودولة سيدة ومواطن كريم.

كما تكونون يُوَلَّى عليكم.. لا.. ليس هذا الشعب على صورتهم الفاحشة ومثالهم المنكود.

طالب الولاية لا يُوَلّى.. نعم.. قيل هذا: لأن طالب الولاية يكون له فيها هوىً ومصلحة، وأن أبرز شروط الحاكم أن يكون حكَماً متجرداً عن المصلحة الذاتية والفردية الغريزية، ولذلك حُدِّدت إحدى صفات رئيس الدولة في الحقوق الدستورية، بأنه القاضي الأول للجمهورية.

بصراحة نقول: لا.. ليس هذا لبنان الشرعي، لبنان الذي قرأناه في التاريخ وهّاجاً على مدى خمسة آلافٍ من السنين، ولبنان الذي عرفناه وعشناه وغنيّناه أنشودة للحرية وأنموذجاً فريداً للعالمين.

والموضوع الأهم بالنسبة الى اللبنانيين اليوم، ليس انتخاب رئيس للجمهورية، بل انتخاب جمهورية ودولة وسلطة وعدالة وشرعية ودستور وقانون، وهذا لا يتحقق إلا بأن تسقط هذه الطبقة السياسية الحاكمة عن عرشها المزيّف، لتفسح في المجال أمام مَنْ هجَّرتهم من النخبة اللبنانية المميزة التي أغْنَتْ دول العالم بمهاراتها العالية.

يقول مثل صيني: «حيث لا تصل المكنسة يتراكم الغبار..» وقد تراكم الغبار عندنا حتى الأنوف، وتراكمت رؤوس جبال النفايات الى ما فوق الرؤوس ولم يبق إلا المكنسة الصينية.