IMLebanon

الدولة التي لا تمشي… إلاّ بالكرباج

تواجه خطة النفايات التي أقرها مجلس الوزراء في جلسته الإستثنائية الأخيرة صعوبات عديدة بدأت أمس في إقليم الخروب وفي سواها من المناطق جنوباً وبقاعاً وجبلاً وساحلاً حتى عكار… إلاّ أننا نرى أنه ليس في الإمكان أفضل مما كان.

ولكن المسألة ليست هنا، وحسب… إنها هنا وهناك وهنالك. وهي خصوصاً في الذهنية الحاكمة التي تبقى إياها بالرغم من تبدّل الظروف والأدوار والأبطال واللاعبين. فهذه السلطة المتعاقبة في لبنان إعتادت ألاّ تمشي إلا بالكرباج!

فهل كان من الضروري أن يشتعل الشارع، ويبلغ ما بلغه من حماسة وحماوة حتى تبتكر هذه السلطة حلاً في أيام معدودة غفلت عنه سنوات طوالاً؟! أي منطق هذا المنطق؟ وأي سلطة هذه السلطة التي غضّت الطرف عن أزمة مرسومة في الأفق رآها الناس كلهم إلاّ من هم معنيون بها في السلطة؟! وكيف تمكن وزير مع فريق عمل محدود أن يبتدع هذا الحل بينما عجزت عنه السلطة، وهذه الحكومة بالذات التي بدت (كما قلنا غير مرة هنا) وكأن الأزمة دهمتها وهبطت عليها وعلى اللبنانيين من حيث لا هي تدري ولا هم يدرون، فيما كانت واضحة المعالم والأبعاد!

لقد أدى تفاقم الأزمة الى حراك في الشارع بدأ في موضوع وتشعب الى موضوعات وقضايا عديدة، ويتوقع له أن يتفاعل أكثر فأكثر بعدما إستطاب الشباب طعم الشارع، وهم على حق في مبدأ حراكهم… خصوصاً إذا كان الضغط الذي مارسوه (… وسيمارسونه)من شأنه أن يوقظ بعضاً من أهل الكهف من سباتهم المزمن.

إنّ الحكومة شبه عاطلة من العمل، وأسباب التعطيل معروفة، بينما أزمة النفايات تتفاعل… فكيف أذنت الحكومة، وبالذات وزارة البيئة، لنفسها أن تتركها تتمادى الى الحد الذي بلغت إليه؟!

طبعاً، لولا الظروف المعروفة التي لا تسمح بتشكيل حكومة بديل لكنا في طليعة المطالبين بالإستقالة. ولكن حال البلاد  العامة في ظل الفراغ الرئاسي تلجم الكثيرين في هذه النقطة بالذات.

والسؤال الذي يطرح ذاته بإلحاح: هل كان مطلوباً ألاّ يتم التوصل الى أي حل لازمة النفايات لو لم يتدخل الشارع ضاغطاً بهذه القوة وبهذا الإصرار وبهذا العزم؟!

مؤسف حقاً.

بل موجع أيضاً.

وعلى  سيرة الإهمال والتردد والتقاعس، نسأل عن مصير الكهرباء التي هي أيضاً «تدهمنا» ولكن بصورة مزمنة بالرغم من الثروة الطائلة التي إنفقت وتنفق عليها. وما يعانيه اللبنانيون من جراء هذه الأزمة المزمنة يوازي خطورة أزمة النفايات بل يتجاوزها بأضعاف مضاعفة. وهنا أيضاً ترانا نرفض التبريرات كلها: من الخطط ورفضها الى الإستهلاك الإضافي لمناسبة وجود النازحين السوريين عندنا. وعلى أهمية ذلك فإننا لا نرى موجباً لتقاعس الحكومة أمام ما نعانيه. خصوصا وان ما يتكبده الجميع، وبالذات ذوو المدخول المحدود هو أشد لظى من الحرارة المرتفعة التي تكوينا بـ»فضل» إنقطاع التيار «الرسمي» واللجوء الى البدائل من إشتراكات في المولدات أو إستخدام المولدات الذاتية.

أما الحديث على ثرواتنا في قعر البحر من غاز ونفط فهو يطول ويطول… وستكون لنا عودة إليه…

ولعلنا في حاجة الى الشارع في هذا المجال أيضاً.