منذ اعلن وزير الزراعة اكرم شهيب، خطته لحل مشكلة النفايات، بدأ العد العكسي للسباق بين هطول الامطار وبين تنفيذ الخطة، يقابله سباق مقابل، بين تحكيم العقل والمصلحة الوطنية من جهة، وبين تقديم المصالح الشخصية والفئوية وحتى السياسية من جهة ثانية، اما الصراع ما بين التفاؤل الحذر بامكان ان تأخذ خطة شهيب طريقها الى التنفيذ الناجح، الذي تشيعه اوساط الرئيسين نبيه بري وتمام سلام، وبين اجواء التشاؤم التي تطل من شاشات التلفزيون لرافضي هذه الخطة، فهو مستمر وقائم، على الرغم من اخبار الطقس التي «تبشر» بان اليوم سيكون ماطراً وربما عاصفاً، ومع انني من محبي فصل الخريف والشتاء، الا انني اصلي ان يتأخر المطر هذه السنة حتى لا تقع الكارثة الصحية والبيئية باختلاط الامطار بالنفايات، وتسربها الى المياه الجوفية والينابيع والتربة، بما تحمله من تلوث وامراض واوبئة، ستلحق بجميع اللبنانيين، بمن فيهم هؤلاء الذين يعرقلون، معتبرين ذواتهم بمنأى عن الكارثة، اذا وقعت، وعلى الرغم من ان الشعب اللبناني، منذ الفراغ في رئاسة الجمهورية، يعيش في الضياع والوقت الضائع، الا ان المرحلة القصيرة التي ما زالت تفصل بين بيئة ما زالت مقبولة الى حد ما وبين بيئة ملوثة تماما، ستكون المرحلة الاصعب والاقسى بالنسبة الى الناس، حتى بوجود العديد من القضايا والمشاكل الاخرى مثل الفراغ والتعطيل وتظاهرات الحراك الشعبي المقبول منها والمرفوض، والقلق الامني والديموغرافي بوجود مليون ونصف مليون سوري على الارض اللبنانية، يضاف اليهم مليون فلسطيني ومن جنسيات اخرى، واذا كان هناك دول في العالم، تسمى «بلاد الاحلام» واخرى «بلاد القانون» فان لبنان، هذا البلد الصغير الجميل، يسمى اليوم في العالم، «بلاد المشاكل والفساد واللجوء العشوائي والفراغ والعشرين طائفة ومذهب» وقد يطلق عليه غدا بعد بعض التحركات الشعبية المشبوهة، اسم «دولة ابو رخوصة» او دولة «سوق الاحد» بعدما قرر البعض ان يحول الوسط التجاري او قلب بيروت الى ساحة للفوضى والبشاعة، نكاية بالتجار والرأسماليين وبشركة سوليدير، بدلا من ان يحافظ على ما تحقق، ولو في شكل غير صحيح، ويطالب بسوق ابو رخوصة او سوق للاحد، على ان تكون منظمة ونظيفة ومأمونة وبحماية الدولة ومراقبتها، على غرار الاسواق الشبيهة في العديد من الدول الاخرى، المقصودة من السياح وابناء البلد، والتي تؤمن فرص عمل لمئات اللبنانيين حصرا، وليس كما هو الحال اليوم.
***
الحراك الشعبي الاول كان يهدف للضغط على المسؤولين من اجل انهاء مشكلة النفايات، ولكن مشكلة النفايات اصبحت اصعب واخطر، والحراك اصبح في مكان آخر، ولذلك يجب تصويب البوصلة سريعا وقبل فصل الامطار الذي سوف يجرف الجميع، بما فيها الحراك، وسوق ابو رخوصة.