IMLebanon

دولة بلا نظام ودستور !!

الانظمة في دول العالم، تتوزع الى ثلاثة انواع، النظام الديموقراطي، النظام الدكتاتوري، والنظام المحيّر بين الاثنين، اي النظام الذي يجمع بين حسنات النظام الاول، ومساوئ النظام الثاني، ومع الأسف يمكن تصنيف النظام في لبنان، في خانة هذا النظام المحيّر، فهو نظام برلماني ديموقراطي بالدستور، لكنه تحوّل منذ عقدين من الزمن، وبالممارسة، الى نظام برلماني ديموقراطي بالاسم، لأنه على صعيد الواقع، خسر جميع القواعد التي يستند اليها النظام الديموقراطي، وفرضت عليه قواعد جديدة، لا تعرفها الدول التي تطبق النظام الديموقراطي تطبيقاً حقيقياً وحرفياً، مثل «الأمن بالتراضي» او «الثلث المعطّل» او «المربّعات الامنية غير الشرعية العائدة لاحزاب وطوائف ومسلحين محميين، ولا بأس اذا تعطّل تشكيل الحكومات لمدة اشهر او سنوات، ولا بأس ان غابت الانتخابات النيابية الالزامية لمدة سنوات، و«اين المشكلة» اذا لم ينتخب رئيس للجمهورية، او حتى اذا الغي هذا المنصب من الأساس، طالما ان المعطّل راضٍ والامور ماشية ببركة 28 وزيراً، وكلّ وزير مسلّح بحق «النقض» الفيتو في هذه البدعة السخيفة التي تدعي «الديموقراطية التوافقية» التي لا تنتج سوى الاشكالات والمحاصصات والامعان في اذلال النظام الديموقراطي، وتمزيق هيبة الدولة.

في الدستور كلام كثير عن الحرّيات المتعددة «المصانة في الدستور والقوانين» وهذا كلام لا قيمة له في لبنان، لأن لبنان لم يعد بلداً ديموقراطياً يسير وفق الدستور والقوانين.

وفي الدستور تأكيد على «حماية الاملاك العامة والخاصة» والواقع ان هناك استباحة لممتلكات الناس والدولة، وحماة القانون عاجزون عن الحماية، لأن لبنان الذي خسر ديموقراطيته، لم يعد قادراً على حماية البشر والحجر، والكل اذا سألتهم يقولون بتسليم من لا حيلة بيده «الله هو الحامي».

هناك قول مأثور للرئيس سليم الحص يختصر فيه الوضع في لبنان، فيؤكد ان «في لبنان، كثير من الحرية وقليل من الديموقراطية» ولو يخطر على باله ان يعدّله في هذه الايام يقول «في لبنان كثير من الفوضى والقليل القليل من الديموقراطية» بعد الذي يحصل على ارض الواقع من فوضى الخطف والقتل، وقطع الطرقات، والتظاهرات، والاتهامات، والشتائم، والاعتداءات على الحرمات والارواح، ومن لا يصدّق، ما عليه سوى مراجعة تقارير قوى الأمن الداخلي والاجهزة الامنية، ولذلك اذا قيل ان نجاة مدينة طرابلس من شرّ ما كان يخطط لها، تمّت عن طريق «الامن بالتراضي» يجب الاّ يغضب احداً في هذه الايام، لأن طرابلس انتظرت الدولة طويلا، لكن الدولة لم تأت بعد، بل اتى الجندي والدبابة والبندقية وهذه قد تحسم، لكنها لا تحلّ مشكلة المدينة المعذّبة، كذلك ما يقال عن اقرار قريب لسلسلة الرتب والرواتب تحت ضغط القوى الفاعلة على الارض، دونما حساب لرأي الجهات المعنية القادرة على ابداء الرأي، لأن الديموقراطية المتهالكة غير قادرة على مواجهة القوى المسيطرة على الحكم، ولا على الشارع الذي خذلته الحكومات المتعاقبة والنتيجة المتوقعة لهذه السلسلة اذا اقرّت تحت الضغط، ستكون تشريد عشرات الوف العمال والموظفين الذين يعملون في القطاع الخاص، لان هناك مؤسسات ستقفل ابوابها، واخرى ستخفّض عدد موظفيها، على اعتبار الزيادة لموظفي القطاع العام يجب ان تنسحب على القطاع الخاص غير القادر في الظروف الاقتصادية والامنية الصعبة ان يطبّقها على موظفيه، ما يعني ان سياسة الضياع العشوائية التي يمارسها تارة مجلس الوزراء وطوراً مجلس النواب حيال الامور الاساسية، بسبب عدم التقيّد بالدستور والقوانين وبالوعي الكامل للمشاكل القائمة، ستؤدي الى انهيار هذا النظام، ولا يعود هناك لا حرية ولا ديموقراطية، بل نافذة، على المجهول.