Site icon IMLebanon

«ستاتيكو لبناني» ينتظر تفاهمات جديدة

يستمر قرع طبول الحرب في المنطقة مع انضمام دول جديدة الى غارات «التحالف الدولي» ضدّ تنظيم «داعش»، وفي الوقت نفسه، بدأ حبس الأنفاس، على مسافة أسابيع قليلة من تاريخ الرابع والعشرين من تشرين الثاني، وهو موعد طهران ودول الـ«5+1» مع فرصة توقيع اتفاق نووي، ولو كان بصيغة غير نهائية، خصوصاً في ظل أجواء إيجابية تترافق مع لقاء العاصمة العُمانية مسقط بين وزيري خارجية الولايات المتحدة جون كيري وإيران محمد جواد ظريف ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون.

وخلف الكواليس، وبمعزل عن النبرة السعودية الحادة بوجه ايران، يستمر العمل على خط «الممرّات الآمنة للحوار» بين إيران من جهة والسعودية من جهة ثانية، وهو مسار لا يمكن فصله عن الوضع اللبناني.

ففي لبنان، القوى السياسية التي تتعايش تحت سقف مجلس الوزراء تختلف في العلن أحيانا، كترجمة للاحتدام الإقليمي، لكن مواقف الرئيس سعد الحريري الأخيرة وما أسميت «مبادرته الاستراتيجية» ورد السيد حسن نصرالله عليها باعتماد اليد المفتوحة مع «المستقبل»، يوحي أن ثمة شيئا يتحرك في المنطقة ولو أنه لم يبلغ خواتيمه النهائية.

ويؤكّد ديبلوماسي لبناني مواكب للحركة الدوليّة باتجاه المنطقة ومنها لبنان أن «على السعودية وإيران التفاوض، أي أن تجلس المجموعة الايرانية بما تضمّ من دول وقوى والمجموعة السعودية بما تضم أيضاً، لان السؤال الذي يطرح على المسؤولين الدوليين دائماً: هل بدأ التفاوض بين السعودية وإيران؟ والجواب انه لا يمكن تسميته تفاوضاً بل تبادل رسائل إيجابية، بعدما ثبت أن موضوع داعش يتعدى كونه ظاهرة إرهابية الى حالة أخطر من ذلك بكثير».

ويعود الديبلوماسي بالذاكرة إلى أوّل مشهد من مشاهد التفاوض الذي بادر إليه حينذاك الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز في قمة الكويت الاقتصادية (2009) بخطابه التصالحي أمام القمة. ثم أعقب ذلك بزيارة إلى سوريا ومن ثم قدم بطائرة واحدة مع الرئيس السوري بشار الاسد الى لبنان، حيث كان اللقاء في القصر الجمهوري بحضور الرئيس سعد الحريري وكان كلام الملك عبدالله في المحادثات واضحا: «يا اخوان يتم التحضير لحرب سنية ـ شيعية لا نريدها.. مصلحة الامة تقضي توحيد الصفوف».

وقتذاك، كان سعد الحريري مربكاً، وفق الديبلوماسي، فذهب الملك عبدالله الى سردينيا وأقنع الحريري بالذهاب الى سوريا ومن ثم الى ايران، «كل ذلك حصل قبل الاتفاق على الوضع العراقي».. بعدها التقى الملك السعودي، خلال رحلة علاجية إلى أميركا، بأركان الإدارة الاميركية (بمن فيهم سفير واشنطن السابق في لبنان جيفري فيلتمان) الذي دعاه إلى الرد على التدخل الايراني في البحرين، بوقف التفاهم مع سوريا في لبنان، فردّ عبدالله: «لن أتدخل من الآن وصاعدا»، وأرسل «درع الجزيرة» الى البحرين على حد تعبير الديبلوماسي نفسه.

ويشير المصدر عينه إلى أنّه «بعد ذلك جاء الربيع العربي، ليقود أحد الديبلوماسيين المخضرمين الحركة اللبنانية، فتحدث الى السفراء المعتمدين في لبنان وطلب منهم الذهاب الى السعودية وايران لحلّ المشاكل بالتفاوض، وإن لم يستطيعوا فليحيدوا لبنان. حينها نجح فكّ الاشتباك لبنانياً من خلال ولادة حكومة الشراكة الحالية، واستمرت المراوحة الى حين ظهور «داعش» وكان الرأي ان ظهورها يعني بقاء نوري المالكي رئيسا للوزراء في العراق، ولكن تدخل الإمام علي خامنئي والمرجع السيد السيستاني شخصيا أفضى الى حل أزمة الحكومة العراقية».

ويلفت الديبلوماسي الانتباه إلى أنّ «تنحي المالكي لمصلحة حيدر العبادي أعاد مشهد مجيء عبدالله والأسد بطائرة واحدة إلى لبنان ولكن هذه المرة مع إيران لا مع سوريا. وهذا ما جعل البعض في لبنان يراهن على التطوّرات، فكان الجواب يأتيهم بضرورة الانتظار لكي تتأكّد السعودية إذا كان القرار الإيراني استراتيجياً أم تكتيكياً، وهل تريد إيران تطيير داعش لتتقاسم مناطق النفوذ».

وبعد الذي حصل، جاءت قضية البحرين، حيث مورست الضغوط على الملك السعودي لعدم قبول الاستمرار في إجراء الاتفاق في العراق بينما اليمن يسقط في أيدي الحوثيين، غير ان تصرف الحوثيين بإبقائهم على الرئيس وعدم السيطرة على مؤسسات الدولة أفشل هذه الضغوط. وفي البحرين لم تتحرك الأمور بعد».

الى أين تقود هذه الوقائع؟

يستند الديبلوماسي إلى هذه الوقائع ليشير إلى أنّ «مستقبل المنطقة ولبنان بعد ربطه بسوريا على قاعدة ان لا رئيس في لبنان حتى يتوضح الحل في سوريا، يعني ان الوضع مستمر على حاله ما دام تيار المستقبل وحزب الله في الحكومة نفسها»، ويشير إلى أنّ ما عاد به ديبلوماسي أممي من طهران والرياض مؤخرا يوحي أنه على اللبنانيين عدم الإخلال بـ«الستاتيكو السياسي»، في انتظار ما تشهده المنطقة من تحولات، فضلا عن بدء العد العكسي لزيارة وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف الى السعودية.