IMLebanon

“خليك بالبيت” و”إعادة الهيكلة” علينا

 

لا يزال المتنافسون على المواقع في السلطة يرصدون سلوك الحكومة وقراراتها ومنها المتعلقة بالتعيينات لأنها في اعتقادهم، حتى في زمن كورونا، وسيلتهم لتأكيد نفوذهم الحزبي والطائفي، على رغم تراجع شعبيتهم جراء الانتفاضة الشعبية والشبابية في 17 تشرين الأول الماضي. قد لا يشذ عن هذه القاعدة إثنان أو ثلاثة على الأكثر، من الأحزاب التي اعترفت ضمناً بأن ممارسات العقود الماضية جعلتها تنغمس في تقاسم للمغانم قاد البلد إلى الإفلاس.

 

لعبة السلطة تعمي البعض عن الوقائع، حتى لو كان عن طريق المتاجرة بقضية اللبنانيين العالقين في الخارج. أبرز الأمثلة أنه بعد أن رفع رئيس البرلمان نبيه بري الصوت عالياً مطالباً الحكومة بمباشرة التحضيرات لنقل من يريد العودة بدلاً من دعوتهم إلى انتظار المهلة الجديدة للتعبئة العامة والإقفال (12 نيسان)، واضطرار الحكومة للتجاوب تحت وطأة تهديده بالانسحاب، قفز رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل على الموضوع وأخذ يعطي توجيهات للحكومة كأنه عرابها. ساءه أن يبدي غيره اهتماماً بالمغتربين، بعد أن سعى إلى كسب ودهم لأهداف انتخابية وانتقائية خلال سنوات توليه وزارة الخارجية من دون أن يتمكن من جذب إلا قلة منهم، فغمز من قناة بري من دون أن يسميه، بقوله إن “الحكومة بدأت تقوم بواجباتها تجاه المنتشرين، ولنعطها جميعاً الوقت والدعم لذلك، من دون مزايدة سياسية ترهقها… ومن دون اقتناص فرصة لمهاجمتها فنجعلها عرضة للتشكيك…”.

 

قد يكون باسيل فهم مثل كثيرين أن حدة موقف بري تتعلق بإدارة الظهر للبنانيين العالقين في الخارج، لكنها تتجاوزها أيضاً إلى استشعاره شطط الحكومة نحو الانصياع إلى تدخل “التيار الوطني الحر” في التعيينات في مصرف لبنان والمواقع المالية، ومحاولة فرضها على الحكومة، وفي تأخير خطوات الإصلاح في قطاع الكهرباء، التي تلغط بها الأوساط السياسية آخذة على رئيس الحكومة حسان دياب وبعض الوزراء مراعاته فيها. لا يمكن فهم الدعوة إلى “عدم إرهاق” الحكومة إلا وسيلة لتعطيل سعي بري إلى إعادة التوازن إلى سلوكها وتعاطيها مع المواقع في السلطة والمؤسسات.

 

تقوم ممارسة الفريق الحاكم بعد استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري على نظرية تكرس ما اتسم به العهد من إنكار للموقف الشعبي ضد ممارسات السنوات الثلاث السابقة وما وصل إليه البلد. فريق الرئاسة و”التيار الحر” يعتقد أن الحراك الشعبي جاء في مصلحته، وأنه تحرر بتخلصه من الحريري في رئاسة الحكومة، وأنه انطلاقاً من منطق الانتفاضة الشعبية سيتخلص من نفوذ المتهمين بالفساد الذي يرفع شعار مكافحته، في إدارات الدولة وهم إضافة بنظره إلى الحريري، بري ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، معتبراً أن له حرية الحركة على الصعيد المسيحي لأنه “الأقوى”، في شكل يبقي حزب “القوات اللبنانية” وحزب “الكتائب” خارج المعادلة، ويمكن إزاحة سليمان فرنجية من المواقع الإدارية بعد أن بات “القوات” و”الاشتراكي” اللذان كانا يتقاربان معه في الحكومة السابقة، خارج التركيبة الحكومية.

 

لمناسبة كورونا، والطوارئ الصحية التي تملي إجراء التزام المنازل، والحاجة إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي والدين العام …، يسعى أصحاب هذه النظرية إلى تطبيق إجراء خليك بالبيت على البعض وإلى إعادة هيكلة مواقع النفوذ في السلطة والمواقع الإدارية.