للأسبوع الثاني لا جلسة لمجلس الوزراء، وليس هناك بعد أي دليل على حصول حلحلة في مواقف رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون تبشّر بإمكان حصول أي تقدّم على المدى المنظور من شأنه أن يُعيد عجلة الحكومة إلى الإقلاع مجدداً وتنتظم جلسات مجلس الوزراء كالمعتاد لإقرار البنود المدرجة على جدول الأعمال ومعظمها له طابع الضرورة لأنه يتعلق بمصالح النّاس كمثل تصريف الصادرات الزراعية ومساعدة المزارعين على تخطي الأزمة القائمة بالنسبة إلى التصدير.
ورغم النصائح التي بعث بها رئيس مجلس النواب في اتجاه رئيس تكتل التغيير والإصلاح وفي اتجاهات أخرى بوجوب ضخّ الدم في الحكومة نظراً لمسؤولياتها الكثيرة فلا يوجد أي مؤشر يد على أن رئيس التيار البرتقالي مستعد للاستماع حتى إلى أي صوت، ولو كان من حليفه المفترض الرئيس برّي، ليتراجع عن قرار بعدم السماح لمجلس الوزراء البحث في أي بند على جدول أعماله قبل البت في التعيينات الأمنية، وتحديداً في موضوع قائد الجيش الجديد، الذي ما زال الخلاف حوله قائماً بين مَن ينادي بالتعيين قبل انتهاء ولاية القائد الحالي، وبين مَن ينادي بالتمديد له سنتين، كما حصل بالنسبة إلى مدير عام قوى الأمن الداخلي لأنه من غير الجائز ولا المقبول أن تعيّن الحكومة قائداً جديداً للجيش بمعزل عن رئيس الجمهورية الذي هو بحكم الدستور القائد الأعلى للجيش.
وإذا كان القرار الذي اتخذه رئيس الحكومة بتعليق جلسات مجلس الوزراء من أجل إعطاء الاتصالات بشأن ملف تعيين قائد الجيش مجالها لاقى تأييداً واستحساناً من مختلف القوى السياسية، أي من 14 آذار و8 آذار، فإن التمادي في تعليق جلسات مجلس الوزراء، لأي سبب كان إلى أمد غير محدود، لم يلقَ الاستحسان نفسه من الأكثرية الساحقة، ولا سيما من 14 آذار، لأن تعطيل الحكومة وشلّها بعد شلّ السلطة التشريعية وبقاء الشغور في رئاسة الجمهورية يعتبر ضربة قاضية للنظام القائم وهو ما يريده حليف العماد عون حزب الله، ويسعى إليه من أجل الوصول إلى مرحلة يصبح فيها إنشاء الهيئة التأسيسية ممكناً، لإعادة النظر في النظام القائم لأنه لم يعد يفي بالغرض المطلوب منه، وما لا يريده فريق 14 آذار الذي يدعم بقوة الرئيس سلام وحكومته، ويقدّم تنازلات كثيرة حتى لا تهتز حكومته، وتصمد في وجه الضربات التي توجه إليها أحياناً من التيار العوني، بحجة أن الحكومة لا تستجيب إلى طلباته، وأحياناً أخرى من حزب الله الذي لا يهمه تفعيل عمل الحكومة بقدر ما يهمه بقاءها معلقة في الهواء إلى أن يحين الوقت المناسب للإجهاز عليها، كما فعل تماماً هو وحليفه رئيس التيار البرتقالي بحكومة الرئيس سعد الحريري، والتي لا يزال يتذكر الجميع كيف استقال وزراء الثامن من آذار منها بينما كان رئيس الحكومة يهم بدخول البيت الأبيض للاجتماع بالرئيس الأميركي باراك أوباما.
في ظل هذه الأجواء الضاغطة، التي لن تجعل الرئيس سلام يستسلم لمشيئة العماد عون ويستمر في تعليق جلسات مجلس الوزراء، بل سيعمد بعد عودته مساء اليوم من القاهرة الى استكمال مشاوراته مع الحلفاء والخصوم ليحدد في ضوئها جلسة جديدة لمجلس الوزراء، من المرجح أن تكون يوم الخميس من الأسبوع المقبل، لمتابعة درس وإقرار البنود المدرجة على جدول الأعمال، وعلى رئيس التيار البرتقالي إما أن يقبل ويسير مع التيار وإما أن يستمر على موقفه ويرحل.