IMLebanon

باقون في أرضنا إلى الأبد لأن هذه إرادة الله

“في البدء كان الكلمة. والكلمة كان عند الله، وإلهاً كان الكلمة”.

المسيح قام حقاً قام. قام المسيح منتصراً على الموت ومحطماً أبواب الجحيم لينهضنا من نومنا ويرفعنا معه الى الآب. يأتي الفصح ليشرق نور الرب على العالم الغارق في ظلام الشر والخطيئة. يأتي بمثابة ضوء في آخر النفق. يضيء للناس السالكين في الظلام. يظهر في آخر النفق المظلم ليدلهم على الطريق. هذا النور الآتي من آخر النفق، المنبعث من القبر الفارغ هو الذي جعل لحياة الانسان معنى. بل هو الذي يجعله يحيا على الرجاء، رجاء القيامة والحياة الابدية.

الكلمة هو النور الآتي الى العالم. “كان النور الحقيقي الذي يُنير ويقدس كل انسان آت الى العالم”. من دون هذا النور حياتنا كلها ظلام بظلام. وسبب هذا الظلام هو الخطيئة. المسيح أتى ليحررنا من الخطيئة. كما قال بولس الرسول.

كلمة فصح تعني العبور. في الفصح عبرنا من الموت الى الحياة، من العبودية الى الحرية (حرية ابناء الله كما يقول بولس الرسول).

نحن أخذنا النعمة وعرفنا الحق من المسيح. كما قال يسوع لمرتا “انا هو القيامة والحياة” وللرسل “انا هو الطريق والحق والحياة”.

و”الكلمة صار جسدا وحل فينا”. عاش معنا انساناً متواضعا. ولكنه بقي في الوقت عينه جالساً على العرش” (عن يمين الآب) في السماء.

… الولادة الروحية هي الاهم، لذلك “نسلك بالروح”. كما يقول بولس الرسول. نحن لسنا من هذا العالم. ان الله اختارنا منه. لذلك يبغضنا العالم لاننا لا نحقق له مصالحه. لذلك كره اليهود (وخاصة الكتبة والفريسيين) السيد المسيح لانه فضحهم. كشف اعمالهم السيئة والظالمة للناس. على عكس ما كانوا ينتظرون. المسيح نور العالم. لذلك لم يستطع الظلام ان يصمد امامه.

قلت في البداية اننا نعيش في نفق مظلم لن نخرج منه الا اذا اضاءنا المسيح بنوره الالهي. في هذا النفق. وسط ظلام هذا العالم الدامس، عالم الشر والاستكبار والخطيئة، ترتكب كل الموبقات. نرى العالم يغلي كالمرجل الموضوع على نار حامية. الحروب تلفنا في كل مكان. الشر يستفحل. القيم تتبدل. اصبح القتل المجاني سهلاً جداً. كما اصبحت كرامة الانسان في الحضيض. بالامس سمعنا ان احد ابناء بلدنا قُطع رأسه. هل نحن نحيا في ظل شريعة الغاب! أين الدول التي تتغنى بالحرية والديموقراطية وحقوق الانسان واتفاقات جنيف؟ كل هذه الجرائم ترتكب تحت سمع دول العالم “الحر” وبصرها. لماذا يكون المدنيون دائما ضحايا الحروب المجنونة؟ هل عدنا الى عهد الى ما قبل الاديان السموية؟ نسمع عن سبي النساء والاتجار بالاطفال واستعباد الرجال، كما كان يحصل في ايام الرقّ. ندعي اننا دخلنا القرن الحادي والعشرين. هل ما يحصل يمت الى الحضارة بصلة؟

لماذا يحصل كل هذا الدمار في سوريا؟ وكذلك في العراق وغيرها من الدول في المنطقة؟ لماذا يستهدف المسيحيون في هذه البلاد! ما ذنبهم! ماذا فعلوا ليكون جزاؤهم القتل والافناء او الاقصاء؟

بالأمس خطف كاهن في إدلب. ماذا يفعل الكاهن؟ ألانّه يبشر بالسلام وهم يريدون الحرب؟ كذلك سمعنا عن تفجير كنيسة السيدة مريم. وعن نهب آثار سوريا والعراق وتخريب بعضها. هؤلاء التكفيريون الظلاميون (كتبة وفريسيو اليوم) هم يساهمون في قتل المسيح من دون ذنب ارتكبه. هم لا يريدون وجودنا معهم في الشرق الاوسط. ولكن (الله سبحانه وتعالى) اراد هذا الوجود. فهل يحاربون الله؟ من اعطاهم السلطان ليحكموا على الناس بالبقاء او بالافناء؟

نحن نردّ عليهم بأننا باقون هنا في ارضنا الى الأبد، لان هذه هي ارادة الله. نجيبهم بأننا نبقى اخوة متحابين مع المسلمين (شركائنا في الوطن) شاء من شاء، وأبى من أبى.

كل محاولات التسلل التي تقوم بها عصابات التكفير، من داعش واخواتها، سوف تبوء بالفشل، لان اللبنانيين موحّدون ضدها. هذا من جهة. ومن جهة اخرى، لان جيشنا الباسل لن يسمح بذلك ابداً.

وفي المناسبة نوجه تحية اجلال واكبار الى جيشنا الوطني وقواتنا الامنية الرسمية التي هي (مع الجيش) ضمانة وحدة لبنان ووجوده والحفاظ على كيانه واستقلاله. كما اننا نسأل الرحمة لأرواح شهدائنا الابرار، من مدنيين وعسكريين. كما نصلي من اجل عودة المخطوفين من رجال دين ومدنيين، وعلى رأسهم المطرانان يوحنا ابرهيم وبولس يازجي.

إذاً، المسيح قام ليقيمنا معه، كما يقول بولس الرسول في رومية. ليخلصنا من وطأة الخطيئة والموت. أرسل نوره الالهي من القبر الفارغ لينير عقولنا وبصائرنا ويمحو خطايانا ويطهرنا من كل دنس. ولكن هل نحن مستعدون لاستقبال هذا النور؟ هل هيّأنا مصابيحنا لاستقباله، كما فعلت العذارى العاقلات؟ هل نحن مستعدون للعرس؟ هل نظفنا قلوبنا وطهرنا انفسنا وصفّينا نوايانا لكي نكون مستحقين ان يسكن فينا؟ هل خلعنا الانسان العتيق الفاسد ولبسنا الانسان الجديد المتجدد على صورة خالقه؟

“الكلمة صار جسداً وحل فينا”. لن يسكن فينا اذا اتى ووجد المكان (القلوب) وسخاً تنبعث منه رائحة النتانة. هو يريد مسكنا نظيفا (قلباً نقياً) يليق به. ومسكنا تنبعث منه روائح العطر والبخور. يريد انساناً يشع منه نور الرب. “انتم نور العالم”. نحن نعيش في عالم ضائع تائه لا يعرف قراراً ولا استقرارا.

لذلك مسؤوليتنا كبيرة جداً ان نكون “نوراً للعالم”، نهديه سواء السبيل. في العالم الكثير من الظلام. فيما اصلي وأنشد “المسيح قام”، اتذكر الذين يعيشون في ظلام السجون والقمع والتعذيب. نعيش في عالم تمتهن فيه كرامة الانسان كل يوم بشكل يعجز الانسان عن وصفه. فنرى الذبح والسحل والدهس وتقطيع الاوصال. كل ذلك باسم الدين والدين منه براء. الدين طريق السلام والخير والعطاء. الله سبحانه وتعالى اراد الكرامة للانسان ولم يرد له الذل والهوان. “أجسادكم هياكل الروح القدس. فمجدوا الله في أجسادكم التي هي لله”.

أسأل الناهض من القبر ان يقيمنا معه بقيامته. أسأله ان يعطي العالم السلام ويهدئ النفوس ويوقف الحروب. أساله ان ينهي القتل والقمع والخطف والتشريد والقهر. أساله ان يلهم المسؤولين في هذا البلد (لبنان) لكي يصلوا الى الحلول المنشودة للأزمات التي تواجهه. فينتخب السادة النواب رئيساً للجمهورية قادراً ان يدير البلد لا ان يدير الازمات فقط، وان يتوصل مجلس النواب الكريم الى وضع قانون انتخاب عصري وعادل. وان يقوم كل مسؤول بواجبه لسد حاجات الناس الكثيرة. واعادة الصورة البهية للبنان. لبنان الحضارة والثقافة والايمان والنور. لا لبنان الجريمة (المستفحلة في هذه الايام). لا لبنان الظلم والظلام. ولا لبنان الخراب (الذي لا تستطيع السيارة ان تسير على معظم طرقه) بل لبنان الخير والجمال والطمأنينة والاستقرار والسلام.

المسيح قام. حقاً قام

متروبوليت صور وصيدا للروم الارثوذكس