كشفت مراجع ديبلوماسية عن جوانب من الملفات التي تحدَّث فيها وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير في زيارته الأخيرة الى بيروت، ومنها ملف إيران النووي، لافتاً إلى تفاهم محتمَل بين إيران ومجموعة (5 + 1) في حدود 30 حزيران المقبل. لكنّه لا يرى فكاً للعقوبات إلّا على طريقة «خطوة – خطوة» وليس كما تشتهيها دفعة واحدة. كيف؟
توسَّع الضيف الألماني في لقائه مع رئيس الحكومة تمام سلام في 15 أيار الجاري في حضور الوفدين اللبناني والألماني في الكلام عن المفاوضات القائمة منذ فترة طويلة بين إيران والمجموعة الدولية منذ أن بدأت مع مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة وصولاً الى مجموعة (5 + 1)، مستعرضاً العناوين الأساسية التي تنتهي بمنع امتلاك إيران الطاقة النووية الحربية عبر استخدام أنظمتها الحالية في الإتجاه غير السلمي وهو ما تعهّدت به إيران على أساس أنّ عقيدتها الإسلامية تمنعها من ذلك.
وقال شتاينماير: تؤكّد إيران أنها لم تمتلك بعد الطاقة النووية العسكرية ونحن متأكدون من ذلك لكنّ طلب مزيد من الضمانات وبرامج المراقبة سيوفّر القدرة على منعها من الإنتقال الى تلك المرحلة لأنّ من شأن ذلك أن يشكّل تجاوزاً للخطوط الحمر التي تعهّدت بها إيران في محطات سابقة على رغم التشكيك الدولي في نواياها والسعي الى تكبيلها بسلسلة من برامج المراقبة على المستويات كافة، إن لجهة فتح منشآتها امام الخبراء الدوليين او لجهة قبولها بنظام المراقبة الإلكترونية الدائمة وفق ما تعتمده المنظمة الدولية.
الضيف الألماني لم يخفِ ثقته بما حقّقته المفاوضات حتى اليوم ويبني على موعد 30 حزيران آمالاً كبيرة، ما لم يطرأ جديدٌ يُغيّر في قواعد اللعبة، في إشارة إلى حجم الملفات المفتوحة على هامش الملف النووي بين إيران والغرب لجهة المواجهة التي تخوضها طهران مع الأحلاف الدولية في سوريا والعراق واليمن.
واعترف شتاينماير بأنّ هذه الملفات الأمنية والسياسية فتحت مع المسؤولين الإيرانيين على هامش المفاوضات النووية على رغم النفي المزدوج من الإدارتين الأميركية والإيرانية وسعي إيران الى الفصل بينها لإتصالها بدورها الإقليمي وحجم حلفائها في كلّ مكان من العالم، من دون أن تتنكّر لما اعطوها من دفع في مفاوضاتها النووية، فالأمور متشابكة الى درجة عالية لا يمكن التنكّر لها.
وأضاف: أمضينا اسابيع من المفاوضات ننام مع المسؤولين الإيرانيين في الفنادق عينها، نتناول الفطور والغداء والعشاء مرات عدة، والأحاديث التي دارت لا تنسى وهي على جانب كبير من الدقة ولم توفّر ملفاً ساخناً في الشرق الأوسط.
بالإضافة الى المرحلة التي قاد فيها وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية جون كيري مفاوضاته في الرياض واسرائيل، والفريق التقني الأميركي الذي ناقش والقيادة الإسرائيلية أدق التفاصيل في الإتفاق الإيراني – الدولي لتمريره وتسويقه عقب الأزمة المزدوجة التي قامت بين إدارته والقيادة السعودية من جهة، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من جهة أخرى.
يقول شتاينماير إنّ إيران حقّقت في الأعوام العشرة الأخيرة انتصاراتٍ كبرى في المنطقة وهو أمرٌ لا يعود الى قوّتها النووية التي يمكن أن يخشاها العالم والتي لم تمتلكها بعد.
ولذلك فإنّ توسّعها لم يكن ليحصل لولا هشاشة الأنظمة العربية ما سمح لها بالتغلغل فيها واختيار أطراف داخلية قويّة لدعمها نظراً لقوّتها المحلية وتحالفاتها مثل «حزب الله» في لبنان والحوثيين في اليمن، ولو كانت الى جانب الحكومات والدول لتغيّر الوضع. فالرئيس اليمني السابق خاضَ ستّ او سبعة حروب مع الحوثيين قبل أن يتحالف معهم يومَ أُجبر على التخلّي عن السلطة، فما ذنب العالم الغربي عندما يكون الأمر على هذه الشاكلة.
وأعلن شتاينماير أنه قبل موعد 30 حزيران سندخل في الكثير من التفاصيل الدقيقة والخطيرة مع إيران وستفتح ملفاتٍ على جانب كبير من الخطورة وما لم تلتزم إيران بأدق ما هو مطلوب منها ستتعقّد الأمور أكثر من قبل. مع التأكيد أنّ سعيها الى فكّ العقوبات المضروبة عليها دفعة واحدة حلم بعيد المنال، إذ مقابل كلّ خطوة ايجابية تقوم بها ستقابل بخطوة ممائلة ولنترك للوقت أن يأخذ مداه.