Site icon IMLebanon

شتاينماير عن ملف اليمن: ليَعُد الجميع الى أحجامهم!

شاء وزيرُ الخارجية الألمانية فالتر شتاينماير في زيارته الى بيروت في 15 ايار الجاري أن يُطلع المسؤولين على ما دار في إجتماعات «الناتو» في أنطاليا فقرأ في الملفات المطروحة. والى حديثه عن سوريا وإيران تناول الوضع في اليمن فلم يرَ حلّاً إلّا بعودة الحوثيين الى حجمهم وانتقال اليمن الى حضن مجلس التعاون الخليجي. فكيف؟

الوزير شتاينماير وفي استعراضه للأزمات الدولية كما ناقشها الحلف الأطلسي في مؤتمر أنطاليا الأخير لم يفصلها عن بعضها البعض. ورأى في تطوّرات الأزمة السورية نتاجاً لمسلسل الأزمات الدولية الكبرى بدءاً بأزمة اوكرانيا في البدايات وما جرى على التوالي في اليمن وسوريا والعراق ومصر بعد سقوط حكم الإخوان وما لها من تردّدات متداخلة ساهمت في تسعير الموقف على كلّ هذه الساحات.

كان شتاينماير واضحاً عندما قال إنّ الجامع المشترَك بين جميع هذه الأزمات أنّ الأحلاف الدولية التي تخوضها مباشرة او بالواسطة هي القوى نفسها التي قادت الصراع ولم تخرج أيّ منها عن حلفها الطوعي أو القسري حتى إنها خاضت المواجهات بالأسلحة نفسها تقريباً.

وكان واضحاً أيضاً أنّ المقايضات الكبرى لم تبدأ بعد – كما لفت شتاينماير- وإن رقدت جبهات أو تراجعت حماوتها إلّا أنّ أخرى ما زالت تشتعل لتشغل المفاوضات ولم يعد هناك من سرّ أنّ المفاوضات الجارية حول الملف النووي الإيراني شكلت مناسبة للحوار في باقي الأزمات.

فباستثناء أزمة أوكرانيا لا يمكن التجاهل أنّ إيران شريكة فعلية فيها على امتداد أجواء التوتر من حوض البحر المتوسط الى عمق الخليج بطَرَفيه وصولاً الى عمق افغانستان وباكستان.

والى الرؤية الألمانية في ملفَي سوريا وإيران التي فنّدناها في مقالات سابقة كانت لشتاينماير قراءة في الملف اليمني فرأى أنّ ما حصل في البلد المنكوب منذ سنوات جراء حروب النظام مع الحوثيين تمّ وضع حدٍّ له. وتغيّرت قواعد اللعبة منذ أن أعلن عن انطلاقة «عاصفة الحزم» في 26 آذار الماضي التي رسمت حدوداً فاصلة ونهائية بين ماضي الأزمة ومستقبلها.

وأنّ العالم الغربي الذي واكب المساعي السلمية للحلّ في اليمن عبر السنوات الماضية لم يتأخّر في دعم هذه العاصفة بقيادة المملكة باعتبارها تجربة فريدة لم يعرفها العالم العربي والإسلامي من قبل. فهو الحلف الأول من نوعه منذ أحداث 11 ايلول العام 2002 ولم تشارك فيه الأمم المتحدة ولا دول الأطلسي كما حصل من قبل من افغانستان الى العراق فالحرب على داعش في العراق وسوريا.

وأضاف: ما هو مطلوب اليوم هو أن يعي الجميع خطورة ما يجري والسعي بكلّ القدرات الدبلوماسية الى حلٍّ سياسي. فالعمليات العسكرية الجوية فعلت فعلها والحرب البرية مستبعَدة وأنّ الستاتيكو الجديد الذي رسمته «عاصفة الحزم» أعاد التوازن الذي كان مفقوداً. فما حققته السعودية في العملية الأخيرة أعاد اليها هيبتها وحضورها على المسرح الإقليمي والدولي بعدما خلت الساحة لفترة طويلة لتركيا وإيران ودول أخرى.

ولذلك ما يبرّره، فحديث قادتها عن ما تشكله «الخاصرة اليمنية» بالنسبة اليها من مخاطر جمة على كلّ المستويات برّر لها تدخّلها وأظهر بشكلٍ من الأشكال أنّ الحضور الإيراني في المنطقة بحجمه الذي كان قائماً ليس له ما يبرّره.

ولذلك لا يرى شتاينماير أيّ حلّ سياسي يجرى العمل من أجله في مواقع عدّة، في الرياض وطهران سراً وفي مسقط وعمان علناً كما في العواصم الكبرى سيؤدّي الى توحيد المؤسسة العسكرية أولاً وانتظامها ضمن الشرعية اليمنية المعترَف بها.

كما بالنسبة الى عودة الحوثيين الى حجمهم الطبيعي في شمال – غرب البلاد. وأنّ ذلك لا يتمّ إلّا بفكفكة الأحلاف الداخلية غير الطبيعية والتي وُلدت في لحظة خروج الرئيس السابق علي عبد الله صالح من السلطة.

وبالتالي وضع برنامج واضح لإنسحاب الحوثيين من المدن الكبرى بدءاً بالعاصمة صنعاء ووقف وضع اليد على مؤسسات البلاد ومقدّراتها تحت سلطة غير معترَف بها دولياً وهو ما يؤدّي الى إعادة توزيع السلطة من جديد وعلى أسس واضحة ومنطقية بمشاركة كلّ الأطراف إحتراماً للتركيبة العشائرية والإتنية والمذهبية ولتنتقل اليمن الى حضن دول مجلس التعاون الخليجي لإعادة بنائها.

ولذلك يعتقد شتاينماير أنّ أيّ تفاهم مع إيران في حدود 30 حزيران المقبل، إن تحقق، سيسرّع الحلّ في اليمن قبل غيره من الملفات الساخنة بقناعة مشترَكة من جميع الأطراف. وستقتنع إيران أنْ لا مصلحة لها في تهديد الأمن السعودي ولن تكون لها الكلمة الفصل في اليمن والبحرين. فمصالح دول الخيلج لها الأولوية المشروعة.