جاء تأخير اعلان ترشيح رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون للرئاسة الاولى الى اليوم، بمثابة خطوة لكسر التساؤل الذي طلع به البعض لغايات وظروف سياسية من شأنها ابقاء الحذر السياسي سائدا، جراء اعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري انه سيكون في خط المعارضة، اضافة الى عدد من المستقلين الذين كان له دور غير واضح في الاونة الاخيرة، لاسيما ان الخطوة الثانية بعد الانتخابات الرئاسية تحتم انجاز قانون الانتخابات النيابية مع ما تفرضه من استقالة الحكومة وتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة جديدة، لا بد وان تحمل ضمنا خطا سياسيا مختلفا، عن كل ما سبق، من غير حاجة الى القول ان خطوة انتقامية ستنفذ في اتجاه تصحيح مسار السلطة الرئاسية الجديدة.
ما يثير الدهشة في هذا الصدد، هو اصرار البعض على الادعاء زورا انه ستكون صعوبة بالغة في تشكيل حكومة جديدة من دون تمثيل شيعي يعكس وجهة نظر الرئيس نبيه بري الذي اعلن صراحة انه لن يشارك ومن يمثل في حكومة العهد الاول، فيما يعرف الجميع ان نوابا شيعة سيوزرون من ضمن التشكيلة التي تمثل حزب الله، وهذا اكيد وليس مجرد تخمين ومن ضمن السياسة التي سيعتمدها والرئيس سعد الحريري بالتشاور مع الرئيس عون، لان مجالات التحايل على القانون والدستور والاعراف لا تسمح بخطوات من شأنها اظهار العجز السياسي في بدايات العهد الجديد؟!
اضافة الى كل ما تقدم فان غطاء حزب الله سيؤمن للحكومة الجديدة ما يفهم منه انها لن تكون متروكة شيعيا لكتلة التنمية والتحرير، فضلا عن انه لا يجوز التشكيك بوقوف حزب الله مع حليفه الجنرال، وهذا من ضمن ما على الجميع ان يستوعبوه بشكل واضح وصريح، خصوصا ان الاتكال على وزراء شيعة من غير النواب سيولد تساؤلات في حال حصل ذلك، وهذا بدوره من صلب استبعاد ترك الرئيس المكلف في عز الحاجة الضرورية والماسة الى حكومة قادرة على ان تحكم بمعزل عن الشتات السياسي الذي يفهم منه ان مقاطعة الرئيس بري الى حد المعارضة الشرسة لن تقود حزب الله الى معارضة مماثلة.
ومن جهة ثانية، فان الرئيس العتيد سيوظف بدوره ثقله السياسي لكي لا تواجه حكومة العهد الاول بعراقيل سياسية قد تؤثر في مجرى الاحداث التي تعني مؤسسات الدولة كافة، فضلا عن انه لا يجوز قيام تباعد بين «الرئيس» عون ورئيس الحكومة مهما اختلفت الظروف وكي لا يقال ايضا ان ثمة تباينا بين الرجلين (عون والحريري) اللذين لا بد وان يسيرا جنبا الى جنب بحذر وروية من الواجب الاعتماد عليهما اكثر من اي تصرف سياسي اخر، لاسيما ان «الورم السياسي» مرشح لان يتحكم ببعض المقربين من عون والحريري بعد طول ما رأوه من تصرفات بحقهم.
وفي مقدم كل المشاهد السياسية غير مستبعدة، فان كلام الرئيس الحريري المرتقب اليوم، لا بد وان يحدد اطار السياسة التي سيتبعها في رئاسة الحكومة، من غير حاجة الى ان يلام في حال تشدد في ما هو مطلوب منه، وقد تكون كلمة في المقابل على لسان الجنرال المنتظر ان يشارك في احتفال تسميته مرشحا رئاسيا، بما في ذلك مشاركته في اجتماع تقويمي لكتلة المستقبل النيابية، لتكتمل الصورة المرتقبة في مجال الحكم المنتظر من الجانب السياسي والشعبي في وقت واحد، من غير حاجة الى تدوير زوايا غير موجودة اصلا
اضافة الى كل ذلك، فان ما يدعيه البعض من مزاعم لجهة مقاطعة انتخاب الرئيس من جانب من ليس بوسعه ترقب ايجابية منتظرة من التفاهم المرتقب بين بعض الذين لم يعجبهم الخيار الاخير للرئيس سعد الحريري بقدر ما يراهنون على بضعة اصوات قد تخرج على الاصطفاف السياسي لتيار المستقبل، فيما يدرك الجميع ان الذين يوافقون رئيس تيار المستقبل على خياراته السياسية والوطنية، لا بد وان يستوعبوا المتغيرات على انواعها قبل ان تتطور الامور في غير اتجاه!