IMLebanon

تنحّي لحّام بين «الصقور» و«الحمائم»: الجميع هنا «مشاريع بطاركة»!

بطريرك الكاثوليك يروي ما حصل: لن أستقيل تحت ضغط «العصيان»

وصلت شرارة الأزمة الإقليمية إلى داخل الكنيسة الملكية الكاثوليكية. في الواقع، هي وصلت منذ سنوات ولكن من يريد أن يلفت أنظار العالم الى وصولها نجح في ذلك. «الاستعانة بالخارج» عبر «استعطافه» أو ربما «إقناعه عن بعد» قد تساعد من يرفعون منذ نحو سنتين شعار «استقالة البطريرك لحام… اليوم اليوم وليس غدا». المطلوب لفت النظر، وتحديدا نظر الفاتيكان للتدخل والطلب من البطريرك غريغوريوس الثالث لحام التنحي الذي يرفضه.

جوهر المشكلة يعود الى وجود فريقين داخل الكنيسة الكاثوليكية وجميعهم، وفق القانون الكنسي، «مشاريع بطاركة»: فريق يطالب باستقالة البطريرك «بالقوة»، أي تحت الضغط كما حصل في سينودس أمس للفت النظر. وفريق يريد أيضاً استقالة البطريرك ولكن «بهدوء ورقي» على قاعدة أن «الكنيسة لا ينقصها مشاكل، فالواقع العربي يؤثر سلباً على المواطن العادي فكيف الحري برجل الدين».

وعليه، الاستقالة مطلب الجميع ولكن كل «على طريقته» أي صقور وحمائم. فما هي الأسباب وما قصة النصاب الذي طار وفق ما جاء في بيان الديوان البطريركي بأنه «نظرا الى مقاطعة بعض المطارنة المشاركة في جلسات السينودس المقدس كما يفرض القانون الكنسي، وبالتالي لعدم توافر النصاب القانوني لعقده تقرر إيجاد تاريخ آخر للدعوة اليه؟».

يؤكد أحد المطارنة الذين حضروا الاجتماع أنّ «المسألة لا تتعلّق بنصاب قانوني أو غير قانوني. فنحن نتحدث عن سينودس كنسي كاثوليكي، أي شراكة كنسية. لا يهم عدد المطارنة الذين تغيبوا، ولكن إكراما لهم ومن أجل إفساح المجال للحوار اتخذ البطريرك قرار الإرجاء».

من يريد إقالته، من فريق «الصقور»، يتهمه بأنه «مسؤول عن العجز المالي الذي تعاني منه البطريركية وعن التمادي في بيع أراضي الكنيسة الى غير مسيحيين، ولا سيما في بيروت والجنوب».

هذه الأسباب فنّدها «الصقور» في مذكرة أرسلوها الى الفاتيكان منذ أشهر للمطالبة بتدخل الكرسي الرسولي. لم يرد في المذكرة أي إشارة الى «المواقف السياسية» للبطريرك لحام، ولا سيما حيال الأزمة السورية. مع الإشارة إلى أن لحام الثمانيني هو ابن داريا الشام. ولكن أوساطا أسقفية تؤكد في هذا الاطار انه «لم يتم التطرق بوضوح الى هذا الموضوع ولكن نخشى أن تكون هذه هي الخلفية الحقيقية. هناك عدم وضوح في مطالبهم. فالمعروف عن البطريرك لحام وقوفه في النار السورية الى جانب الدولة بالإضافة الى مباركته لفتح تحقيقات في مخالفات مالية داخل بعض الأبرشيات».

أما الاستعانة بالفاتيكان فلن يكون له أي تأثير، بحسب الأوساط، لأنه لم يسبق في تاريخ الكنيسة الملكية الكاثوليكية أن طلب الكرسي الرسولي من أي بطريرك التنحي، فهذا ليس من صلاحية الفاتيكان في الأساس.

في فريق «الحمائم» دعوات الى الحوار «لأنه في النهاية علينا أن نجلس جميعا الى طاولة واحدة ونتحاور ولا حل إلا بالحوار».

يقارب هؤلاء المسألة بعقلانية أكثر. يعتبرون أن اللحظة الاقليمية بكل تداعياتها من تفجير كنائس وتهجير وبؤس وتشرد من سوريا الى العراق وكل المنطقة أرخت بظلالها على الكنيسة، ولا سيما أن نسب الهجرة لدى المسيحيين الكاثوليك مرتفعة جدا.

يقول أحد المطارنة: «من حق الجميع أن يعتبروا أنهم البديل الأكثر كفاءة لتسلم زمام البطريركية على قاعدة ضخ دم جديد في الكنيسة ولكن نحن من الذين يعتبرون أن سياسة «ليّ الذراع» مرفوضة تماما. فالبطريرك لحام يقوم بدور ليس فقط مشرقيا بل أيضا عالمي من أجل خدمة الوجود المسيحي وتثبيته، وهو المناضل الأول في كل القضايا العربية، ولا سيما فلسطين».

مرّ 16 عاماً على تولي البطريرك لحام السدة البطريركية خلفا للبطريرك مكسيموس حكيم الذي كان مصري الجنسية (طنطا). منذ شهرين، وبعد لقائه البابا فرنسيس في الفاتيكان جدد دعوته للسلام في سوريا. ربما السلام داخل الكنيسة بات هو المرتجى.