وضعت استقالة وزيري حزب الكتائب سجعان قزي وآلان حكيم الحكومة أمام منعطف صعب لجهة التوقيت الذي أتت فيه، كما لجهة استحالة تأثيرها في المعادلة الحكومية التي باتت الوحيدة في ظل حال الركود والتعطيل على كل المستويات الرسمية. وقد قرأت مصادر نيابية في 14 آذار هذه الخطوة التي أرادها حزب الكتائب «صدمة» بمفاعيل إيجابية على الأداء الرسمي عموماً والحكومي خصوصاً، مقدمة لخرق الركود، ولكنها خفّفت في الوقت نفسه من مدى قدرة الكتائب أو أي مكوّن سياسي آخر مشارك في الحكومة على إحداث أي تغيير بارز يؤدي إلى خلط الأوراق على الساحة السياسية ويدفع نحو تسريع حسم الأزمة الأساسية المتمثّلة بالشغور الرئاسي.
وفيما تبدو المبادرات مفقودة على كل المستويات لمواجهة أزمة الإستقالة المستجدّة، اعتبرت هذه المصادر أن الفرصة لم تسقط أمام تطويق واستيعاب التردّدات السلبية للتعثّر الحكومي، مشيرة إلى أن الخطوة تكاد تكون شبيهة بخطوة استقالة وزير العدل أشرف ريفي. لكن المصادر النيابية نفسها دعت إلى عدم الإستعجال في التكهّنات حول واقع الحكومة الميثاقي فيما لو أصبحت استقالة وزيري الكتائب نهائية وحاسمة، خاصة وأنها تؤدي إلى خسارة مجلس الوزراء أحد المكوّنات الحزبية المسيحية، بعدما كانت «القوات اللبنانية» رفضت سابقاً المشاركة في الحكومة. وتحدّثت عن تباين في القراءات السياسية للواقع الحكومي المستجدّ، لافتة إلى أن حصول أي تطوّر في معالجة أسباب قرار الإستقالة، قد يؤدي وفي اللحظة المناسبة إلى تجاوز هذه الأزمة والحؤول دون تحوّلها إلى أزمة حكم تهدّد ميثاقية حكومة «المصلحة الوطنية».
في المقابل، أشارت المصادر النيابية في فريق 14 آذار، إلى أن الأمر الواقع الحكومي بات شبه مكرّس لجهة مناعته التي اكتسبها، كون الحكومة هي المؤسّسة الوحيدة القادرة على الإستمرار، في ظل الركود الشامل الذي تعانيه الدولة.
من جهة أخرى، عبّرت المصادر نفسها عن مخاوف وهواجس لديها من انعكاس الازمة المستجدة على الازمات المتراكمة أمام الحكومة، مشيرة الى أن الساحة الداخلية تقف على مفترق طرق ما بين التصعيد الشامل وما بين التسوية والاستمرار بالوضع الراهن حتى بلورة إطار حل سياسي متكامل. وقالت أن الإرباك الحاصل في مسألة القطاع المصرفي يشكّل بحد ذاته مشكلة تضاف إلى الهواجس الأمنية، وبالتالي، فإن الذهاب إلى أزمة حكومية داخلية ينذر بتطورات خطيرة قد تطيح بالستاتيكو الحالي، وتدخل لبنان في نفق مظلم، ولا توفّر أخطاره أي فريق سواء في 8 أو في 14 آذار.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، اعتبرت المصادر النيابية ذاتها، أن التركيز على تفعيل عمل الحكومة وتحسين أدائها الذي يطالب به الوزراء المستقيلون، هو مطلب عام لدى كل مكوّنات هذه الحكومة، وهو ما يستوجب تضافر كل الجهود لاحتواء الوضع المأزوم، وعدم الذهاب في اتجاه خيارات صعبة وغير مضمونة النتائج. وخلصت إلى أن الظروف الداخلية كما الخارجية، لا تسمح بأي خربطة للوضع الحكومي في ظل الفراغ الرئاسي. وأكدت أن ما يتم تداوله من تطوّرات إيجابية مرتقبة على مستوى الإنتخابات الرئاسية، لا يعدو كونه أمنيات محلية غير مستندة إلى أية معطيات خارجية، وخصوصاً دولية، وذلك في الوقت الذي تتجه فيه كل المبادرات إلى الإصطدام بحائط «اللاتوازن» الذي تعيشه المنطقة نتيجة سقوط التسويات السياسية في سوريا، وارتباط الواقع اللبناني الداخلي بالحرب السورية الدائرة.