بعد إنجاز قانون الإنتخاب الجديد المطلوب تفادي رهن حركة الحكومة بملفّات خلافية أخرى
هل الظرف الحالي أصبح ملائماً لمقاربة ملفّي مجلس الشيوخ وتحقيق اللامركزية الإدارية أم يتسبّب بمشكلة سياسية معقدّة كما يتوقع البعض؟
لا شك ان التوصل الى توافق سياسي حول قانون الانتخاب الجديد إستهلك معظم وقت حكومة الرئيس سعد الحريري واستأثر بمعظم اهتماماتها واولوياتها كونها بالاساس مكلفة بهذه المهمة وبالتحضير لاجراء الانتخابات النيابية المقبلة، في حين يلاحظ ان باقي الملفات الحيوية والضرورية الاخرى التي تتطلب اهتماما استثنائيا في هذه المرحلة، كملف النازحين السوريين، واعادة تحفيز الوضع الاقتصادي عموما ومعالجة ملف الكهرباء والنفايات وغيرها، وان نالت نصيبا لا بأس به من البحث والتحضير للخطط والتصورات المطلوبة الا انها كانت بالاجمال مرتبطة ومرهونة من قبل البعض بانجاز قانون الانتخابأولاً كأدات ضغط غير مباشرة للحصول على تنازلات محددة من الاطراف الآخرين في المشاورات الجارية لانجاز القانون المذكور، الامر الذي ادى الى التباطؤ في بدء تنفيذ المعالجات الموضوعة لهذه الملفات الى مرحلة ما بعد انجاز قانون الانتخاب العتيد.
الآن، وبعد صدور قانون الانتخاب وبدء الاطراف السياسيين في تحضير انفسهم ولو بوتيرة بطيئة للانتخابات المرتقبة، عادت الى واجهة النقاش السياسي مسألة البحث في الملفات الحساسة والمعقدة كملف انشاء مجلس للشيوخ وتحقيق اللامركزية الادارية وغيرها والتي كانت متوقفة على النقاشات ووضع الحلول العائدة ومجمدة منذ مدة طويلة تفادياً للخلافات السياسية بخصوصها وتجنباً لما يمكن ان تحدثه من تجاذب سياسي بين مختلف الاطراف بشأنها، كلما تم التطرق اليها ولو كان عرضياً او من باب إبداء الرأي بخصوصها، والسؤال المطروح هل يمكن ان يثير طرح مثل هذه الملفات الحساسة والمعقدة ان كان في المشاورات التي دعا الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا او على هامشها خلافات سياسية حادة او تتسبب بأزمة سياسية مشابهة لازمة الانتخابات الرئاسية او ازمة قانون الانتخابات مثلاً؟
تجيب مصادر سياسية بارزة على السؤال المطروح بهذا الخصوص بالقول: ليس بالضرورة ان طرح ملف مجلس الشيوخ او تحقيق اللامركزية الادارية قد يتسبب بمشكلة سياسية معقدة كما يتوقع البعض ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو هل الظرف الحالي اصبح ملائماً لمقاربة هذين الملفين اللذين تسببا في السباق وحتى بالأمس القريب في توتير الخطاب السياسي وخصوصاً لدى البحث في تركيبة مجلس الشيوخ وصلاحياته ولاي طائفة او مذهب تؤول رئاسته؟ وفي حين سمع اللبنانيون مواقف مختلف الاطراف بخصوص انشاء مجلس للشيوخ على هامش المشاورات التي جرت للاتفاق على قانون الانتخاب الجديد، الا ان معاودة طرح الموضوع للتشاور في بعبدا بين رئيس الجمهورية ورؤساء الاحزاب المشاركة بالحكومة، يعنيان أن هذا الملف لم يطوَ وهو موضوع قيد البحث والمناقشة بالرغم من تباين المواقف بخصوصه واصرار اكثر من طائفة ومذهب على تولي رئاسته، والاهم هو تمديد صلاحياته وتفادي حدوث اي تعارض من صلاحيات رئيس المجلس والمجلس النيابي على حد سواء، لان هذا التعارض قد يتسبب بالاندلاع ازمة سياسية حادة اذا اصر كل طرف على موقفه بمعزل عن رأي او توافق باقي الاطراف الاخرى، او التفاهم معها بخصوص النقاط الخلافية التي ترتبط بهذا الملف.
ومن وجهة نظر المصادر السياسية فإن مقاربة هذين الملفين الخلافيين بالاساس يجب ان يحظى بتفاهم مسبق بين كل الاطراف وفي اجواء سياسية ملائمة تمهيداً لمناقشات هادئة ممكن من خلالها التوصل الى وضع الحلول المطلوبة في اطار اتفاق سياسي شبيه بالاتفاق حول قانون الانتخاب او حل مسألة الانتخابات الرئاسية، وهذا الامر مرهون بالظروف السياسية التي ترافق الاجتماعات واللقاءات المرتقبة ولا يمكن التكهن بنتائجها منذ الآن، في حين يجب ان يتجنب كل الاطراف من دون استثناء تعميم تجربة الخلافات والنقاشات الصعبة على الملفين المطروحين على جدول طاولة المشاورات المطروحة، وتفادي كل ما من شأنه حصر الاهتمام الحكومي والسياسي في ايجاد الحلول المطروحة لهما، لان من شأن ذلك التأثير سلباً على الاهتمام الحكومي بباقي المسائل والملفات الحيوية المهمة، كملف إعادة تحريك الدورة الاقتصادية وغيرها وهي ملفات ملحة لا يمكن رهنها او ربطها بإيجاد حلول لملفات وقضايا متعددة اخرى، كملف انشاء مجلس للشيوخ او غيره من الملفات الخلافية التي تحتمل تأجيل البحث فيها لظروف سياسية مؤاتية اكثر من الظروف الحالي، ولان التأخير الحكومي في البدء بخطوات عملية وسريعة لتحفيز الوضع الاقتصادي والاهتمام بحاجات ومطالب الناس الحيوية، قد تكون له انعكاسات سلبية على الوضع العام في البلاد بكاملها.